الضحكة الغائبة كحُرقة العطش

الضحكة الغائبة كحُرقة العطش

الضحكة الغائبة كحُرقة العطش

 صوت الإمارات -

الضحكة الغائبة كحُرقة العطش

بقلم : ناصر الظاهري

لماذا حين يلتقي الأصدقاء القدماء، أصدقاء المنازل الأولى، حيث الطين والرمل والماء وَالنَّخْل، والأبواب المشرعة منذ الفجر، وحتى الليل وهدأته وصوت السكون، أصدقاء الصفوف الأولى، زملاء المقاعد المدرسية الخشبية، رفقاء السنوات الدراسية، وملاعب الصبا، قرناء الخير والشر، الأتراب، إخوان الطفولة المبكرة، والشباب الغض، وعمر الدهشة والاكتشافات الأولية لكل الأشياء، وأمور الحياة، لماذا حين تلقاهم مصادفة أو يجمعكم عرس، تظهر فجأة الضحكة الغائبة؟ لماذا يتصاعد دم الفرح في الوجه، وتشعر بأن معدل «الأدرينالين» قد ارتفع، جاعلاً نشاطاً فجأة يسري في كل أطراف جسدك؟ لماذا تشعر بأنك بخير، ولا شيء من هواجس العمر والجسد، إلا الحمد والشكر، واللذان يترادفان مع تلك الضحكة الخارجة من القلب، مثل رغيف ساخن ساعة شتاء ومطر؟

 هل هي الأشياء المشتركة التي جمعها سير العمر؟ أم هو ما رافقها من ضحك وجنون ولعب، حيث لا حسد، ولا ضغينة تسكن النفس، ولا شيء غير تلك العفوية والفطرة التي تقود خطانا نحو البراءة الكاملة؟
الأعراس هي جالبة ضحكة الأولين الغائبة أو التي تسترها الدنيا الْيَوْمَ، ولا أحد يدري ما هو السبب، فجأة كبرنا، والذي كنّا نحطب له الحطب في عرسه، ونفزع معه ذاك الْيَوْمَ، ها هو ابنه الْيَوْمَ معرس أو أن ابنته التي كنّا تمنينا لها ولزوجها العام الفارط أن يكون منه المال، ومنها العيال، ها هي تزف له بشارة بأنه أصبح جداً، وعليه أن يحُضّر من الآن مسبحته، وعكازته، كنّا وما زلنا نحن الحضور والشهود، ولكن مع سنوات زائدة، ومسؤوليات نُكبّرها، فتكبر على رؤوسنا، وغياب تلك الضحكة التي كانت ترّن في الأذن.

«مساكين جيل الخمسين والستين والسبعين»، هم الطيبة الباقية، والأمانة والصدق كما هما، وهم زينة هذه الأيام بعد ما ودعنا رجال من وقت وتعب، رجال ونساء لن يتكرروا، كانوا مثل قناديل في تلك البيوت الكبيرة الواسعة، كمركض فرس، كانوا دفئها، وكانوا عطرها، لم يبق منهم الْيَوْمَ الكثير.. الكثير، فقد تناسلوا مثل سبحة صلاة، وفِي غفلة عنا ومنا، محاولين بقدر ما تسمح به تلة الطيبة الباقية سمة أهل الدار، أن نكون مثلهم أو دونهم أو نحلّ محلهم، لكن الوقت غير الوقت، والنَّاس ما عادوا مثل الناس.. لذا تغيب عن محيا جيل الخمسين والستين والسبعين تلك الضحكة الأولى، الذاهبة نحو البراءة المطلقة، حتى تحضر فجأة، إذا ما ضمهم مجلس أو جمعهم عرس، وتلاقوا يخفون بياضاً غزا الرؤوس، لا يودونه أن يخرج من ستره، متعكزين على صبر الأولين، وما إن تتلاقى العيون حتى تستبشر الوجوه، وتخرج تلك الضحكة الغائبة منهم وعنهم، والتي لها رنين في الأذن، وتسعد النفس كشربة ماء بارد ساعة حرقة العطش!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضحكة الغائبة كحُرقة العطش الضحكة الغائبة كحُرقة العطش



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates