طائر الحب والشجن

طائر الحب.. والشجن

طائر الحب.. والشجن

 صوت الإمارات -

طائر الحب والشجن

بقلم : ناصر الظاهري

ثمة أشياء صغيرة وبسيطة في الحياة لكنها مؤثرة، وتخلق حياتها، وتترك علامتها في القلب، كأن يحل على منزلك عصفوران ملونان من طيور الحب، وفجأة يحولان البيت إلى شيء مختلف، الصباحات فيه يقظتها مبكرة، وثمة مشاغبة وأصوات وزقزقة لا تتوقف، وحالة من المرح تسود أركان البيت، سيتسميان من يومهما الأنثى «روسا فيردي» الوردة الخضراء، والذكر «أثول» الأزرق، وسيعرفان الأصوات حينما تناديهما، وسيعرفان اسميهما، وسيكون ذلك القفص محل رعاية واهتمام من أفراد البيت، يد تشمسهما، ويد تطعمهما، ويد تلاعبهما، وأصوات وغناء وصفير مموسق كله لهما، في حين سيكتفيان هما بالزقزقة المنفردة في البداية، ومع الألفة سيغنيان معاً، وسيتبادلان الشعور بالحب، ومعنى الشكر على نقطة الماء، ومعنى لذة قطع الفواكه الصغيرة، ولأنني لا أحب القفص، ولا أحب أن أرى عصفوراً ملوناً له جناحان يمكن أن تزاغيهما الريح، ويمكن أن يبني عشه وحده في علية شجرة أو كهف صغير في جذعها، أهرب من إدخال طائر أو حتى حيوان في البيت؛ لأنه فجأة سيكون فرداً ملاصقاً، ومنا، وسيكون لحضوره هنا وقع قد يحرك عضلة القلب حباً وحنواً، ومعاملة أخرى جديدة باتجاه آخر جديد عليك.

إن جلب عصفور للمنزل هو بمثابة أن تقصّف جناحيه، وتحتجزه دونما ذنب، إلا لأنه جميل وملون، وله قلب صغير، أن تدخله المنزل ولا تجعله يتسلى ببرودة شجر الحديقة أو يقفز على عشبها المبتل، أمر قد يجعل نغزات الصدر تنز من حين لآخر، ويجعل جفن العين يرف لذلك الحب الذي يجعل من الأشياء أسيرة، وتخاف عليها من الهواء، وهو أمر يعاكس طبعها وطبيعتها، فتضيق بأفقك، وتحنّ لأفقها، ويتقاصر بذلك العمر في القفص المدلل، غير أن للصغار فعلهم الذي يجبر النفس على أن تلين، والعنق على أن ينحني قليلاً، كرماً لعين الصغيرة الباكية، والفرحة بحب الامتلاك الطفولي، فتكسر قاعدة أحببتها ومشيت عليها أن لا تزيد أفراد العائلة فرداً ولو كان بحجم عصفور صغير ملون، غير أن «روسا فيردي وأثول» كانا استثناء منذ مات ذلك الكلب «عنتر» منذ عهد بعيد في تلك الطفولة الهاربة، ومنذ ذبح ذلك الغزال الذي كنتما تتقافزان معاً، وكاد يكبر معك في غيابك المدرسي، كان لذلك الفقد ثقل كرحى على الصدر، وشعور باليتم غريب على ذلك العمر الصغير.

وبعد ألفة صباحات وغناء وحياة مختلفة وملونة في البيت، تسقط فجأة «روسا فيردي» من على غصن قفصها، في مساء غلف المنزل بالحزن، وأخرج «أثول» غناء من شجن وبكاء، وظل يتخبط بجناحيه في ذلك القفص منازعاً الحزن، وفقد الوليف، وكأنه يرغب في سفر طويل، وطيران باتجاه مسافات بعيدة، تكسر من شجنه، فيعاود قلبك الأخضر على الدوام، والعابئ بأوجاع الآخرين يتذكر، ويخفق تعباً، ولو من شيء صغير وبسيط كموت عصفور ملون، وفك أسر زوج كان مثقلاً بالحزن، ومقبلاً على وحدة باردة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طائر الحب والشجن طائر الحب والشجن



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates