بقلم : ناصر الظاهري
اختتم منتدى الفجيرة الثقافي دورته الأولى، معلناً أهم جائزة مخصصة للإبداع العربي الشاب، هي جائزة «راشد بن حمد الشرقي»، والتي ستمنح للأصوات المبدعة الشابة على مستوى الوطن العربي، وهي الفئة التي تكاد أن تكون شبه مظلومة في منظومة الجوائز العربية الكبيرة التي عادة ما تتطلع للقامات دون التبصر بالقاع، على الرغم من أنهم يمثلون الشريحة الأكبر من السكان، وهم العماد، وعليهم يكون الاعتماد، فرهان الأمة الواعية يكون على شبابها وأطفالها في المجالات كافة، خاصة أن التحديات أول ما تضرب بمعاولها تضرب هذه الفئة، فهي مستهدفة حين الخراب، ومهملة حين التكريم.
كانت ثلاثة أيام من المتعة والثقافة الصرفة، حين تعني الثقافة العافية بتنوع أشكالها، وتعدد مضامينها، فمن قصيدة النثر، تلك الإشكالية التي لم تنته عربياً، حيث تهرب تلك القصيدة نحو الأمام، وعلى الدوام، والقوم ما زالوا يسهرون جراها ويختصمون، ولا يتفقون، إلى مسألة السرد، ومستقبل الرواية بعد أن تسيّدت الساحة الثقافية العربية بغثها وسمينها، وأفرزت ما يمكن أن نسميه الرواية الرقمية، مروراً بالمسرح أبي الفنون، ولمَ الرهبة دوماً من المسرح؟ ولمَ هو في تراجع بعد أن تكالبت عليه الظروف والسلطة والرقابة والمنع المدرسي؟ وليس انتهاء بالثقافة العالمية، وعولمة الثقافة، وحظ العربي منها اليوم، خاصة أن الدراسات تشير إلى أن الحرب القادمة ستكون حرباً ثقافية بمفهومها العام، حرب المعلومات، وحرب طمس الهويات، وحرب الصناعات الثقافية.
كانت أياماً جميلة، دافئة باللقاءات الحميمية، والمسرة التي نلقاها من أناس تلك المدينة التي يحتضنها الجبل، ويغسل قدميها البحر، أناس الكرم شيمتهم، ولا يمارون به، والطيبة فيهم ومنهم، ولا يزايدون بها، وكانت رؤوس من الوطن العربي حاضرة بكل تجلياتها وألقها وقلقها، من المغرب والجزائر والعراق وعُمان والسعودية والسودان والإمارات وموريتانيا وسوريا، والبحرين، أثرت المنتدى، وحركات بفعلها مياهه، وصبّت فيه من فيض معرفتها وتجاربها، خالقة شيئاً جميلاً للمكان وللناس.
ولأن الثقافة تعني العافية، وتعني الحياة الجميلة الملونة، وتعني الأفضل للإنسان، لذا ستبقى خندقنا الأول والأخير، دفاعاً عّن كل شيء جميل ونبيل في هذه الحياة.
كل الشكر والتقدير للقائمين على هذا المنتدى، والعاملين على إنجاز مشروع جائزة «راشد بن حمد الشرقي» للإبداع، لكرم الضيافة، ولرحابة صدورهم وطيب محياهم، شكراً للفجيرة تلك المدينة الوادعة والواعدة بكل ما هو أصيل وجميل، والشكر لكل من أحيا هذا المنتدى وساهم فيه من المبدعين العرب، وأضفوا عليه من جهودهم الخيّرة. نقلا عن الاتحاد
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع