تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم -ناصر الظاهري

ربما هي رحلة بلا تذكرة ولا حقيبة سفر، هي رحلة من رحلات المدارس التي كنّا نفرح حين نقوم بها في ذلك الباص المدرسي شبه المتهالك، وندفع ثمنها دراهم معدودة، ويظل الأستاذ ينبه علينا قبل الرحلة بأيام: «خليكم مع بعض يا أولاد، لا تفترقوا، وكل واحد يأخذ باله من زميله»، في ذلك الباص الذي سيحرص سائقه «أحمد الصومالي» على أن يعتني به بطريقة مبالغ فيها، وسيصرخ بصوته الحار، ويُحمِّر عينيه على أي طالب يقترب من الباص أو يحاول أن يوسخه بطريقة صبيانية، وسيحرص أستاذنا «محمود الفلسطيني» والذي لم ير إلا أبوظبي وعمّان في حياته على أن يختار الكرسي الأمامي بجانب السائق، وسيظل محتفظاً بذلك الميكروفون الكشفي في يديه، كجزء من عهدة وقّع عليها أمام المدير، وظل فرحاً وهو ينادي من خلاله على الطلبة حتى ولو كانوا غير بعيدين عنه.

سيمتلئ الباص وسيتدافع الطلبة على اختيار المقاعد الخلفية، لكونها بعيدة عن نظر الأستاذ وعرّيف الصف، وسيرتد كثيرون ويكتفون بالجلوس في الصفوف الأمامية، فالطلبة المشاغبون والذين أكبر منا كانوا مستعدين لأن يتعاركوا على تلك المقاعد، لأنها المكان الآمن للمدخنين، في وسط تلك الحافلة سيعتزل مطرب الرحلة وفرقته النحاسية، لكن بعد نصف ساعة من المسير سيتحلق حولهم كل الطلبة، والكل يريد أن يجرب صوته، خاصة أولئك الذين بدؤوا في سن البلوغ، واخشوشنت أصواتهم.
مقصف المدرسة سيعد لنا «سندويتشات» وعصير برتقال في علب كرتونية، جل الطلبة كانوا يفضلون عليها «غراش الكولا»، وسيحمل الكثير منا أكياساً بلاستيكية فيها «خبزة عليها سمن وسكر» أو سيملأ البعض منا جيب كندورته بـ«يقط»، وسننطلق قبيل الصبح متجهين من أبوظبي إلى دبي، في تلك الأيام كان الباص يقطع المسافة في قرابة ثلاث ساعات ويزيد، ومع سائقنا أحمد الحار دائماً، والذي غضبه على أرنبة أنفه، ستزيد ساعة أو أكثر، دون حسبة التوقف ليستريح السائق والمعيوني المواطن، ويلطم أحمد كأس شاي أحمر كبيراً، ويدخن صلبين سجائر، ويكتفي المعيوني المواطن بأن يغرّ نفسه ثلاثة فناجين قهوة عربية، و«غزّ سح»، ويعمر مدواخه، ويشفط في كل مرة ثلاث شفطات متتابعات أو يتوقف «دريول الباص» عند أحد «الولوف» المائية الموزعة على جانب الطريق ليبرّد «ماكينة الباص»، غير تعلث بعض الطلبة بغية «هرج الماء» في ذلك السيح الوسيع أو تحت رمثة، سينقطع نسلها منذ أن دنسها البعض بذلك الخيط المائي الساخن المتدفق.

سيختل توازن مدرسنا ومنسق الرحلة منذ خروجنا من أبوظبي، وسيظل يسأل الطلبة عن الربع الخالي، وعن قطّاع الطرق، وعن الذئاب الرملية، وسيتفنن الطلبة في الوصف والمبالغة وإرهاب الأستاذ محمود، والأستاذ مصطفى المصري، مدرس الرياضة الذي انضم لرحلتنا بعد إلحاح من المدير نفسه، ولكون معظم الطلبة يحبونه، لكنه ما إن سمع الربع الخالي والموت عطشاً وذئاب الصحراء وقطاع الطرق حتى تبدل حاله، وأسرّ لنا أكثر من مرة حالفاً: «والله ما كنت عايز أروح الرحلة المهببة دي، الله يجازي من كان السبب».

تقلا عن الاتحاد

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates