تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

في تلك المدن الكثيرة كانت هناك نساء كثيرات، صديقات، صادقات، عابرات، وفيات، جاحدات، بريئات، مخادعات، ليس هناك.. مثل تلك المغنية اليوغسلافية التي تدعوك لعيد ميلادها، وتقطع مئات الأميال لتحظى بتلك الليلة في شوارع بلغراد ومينائها النهري والمشي حتى بزوغ الفجر، وليس هناك.. مثل تلك الأثيوبية التي تترك لك بيتها والجلوس مع أسرتها وكأنك واحد منها، تسندك حين تسقط بك القدم، وليس هناك.. مثل تلك المحامية التي تضطرّ أن تجلس معها في قضيتها الشخصية في المحاكم الفرنسية، تدافع هي عن الناس، ولا تعرف أن تدافع عن نفسها، ليس هناك.. مثل طالبات الصفوف في مقاعد الدراسة الباريسية، ولا مثل من حملت أوزارك ونجاستك وأثقالك وقالت هيّت لك.

في هذه المدن الكثيرة.. كان هناك أصدقاء حقيقيون، مازالت صناديق البريد تشعر بدفء حروفهم، ومازلت تفرح من قلبك إن التقيتهم مرة في مدينة من هذه المدن.

بعض المدن ترتبط بذهنك بأشخاص معينين، فلا يمكن أن تزور عمان، ولا تعرج على أعمدتها أو القاهرة بأصدقائها الكثر، أو مدن المغرب بالجميلين في تلك المدن المختلفة، أو تمر ببيروت من غير أن ترى قناديلها في الثقافة والفن والسياسة.

بعض المدن خفيفة تشعر أنك لابد وأن تلبس من أجلها قميصاً صيفياً، بعضها لا بد وأن تتدثر بالملابس الشتائية الغلاظ، بعض المدن حين تدخلها تشعر أنك ضعيف، بعضها تشعر أنك صديق، بعضها تشعر أنك مستلب، وبعضها الآخر تشعر أنك مغبون ولا لك حق حتى البقاء فيها، بعضها تشعرك بالضآلة من مبانيها وضجيج أنوارها وقسوة ناسها، بعضها تشعرك بالفطرة والبدائية وبطين الأرض البكر.

زرت مدناً كثيرة مقدسة، وزرت مساجد تاريخية وكنائس قديمة ومعابد لمختلف الأديان والملل والنحل، لأنها تلقى هوى في النفس، واهتماماً كبيراً منذ الصغر، هو جزء من فضول المعرفة وفك طلسم الأسئلة الوجودية الكثيرة، والتي تتبعنا منذ معرفة النون والقلم وما يسطرون، وحتى إدراك اليقين والمعرفة النورانية، لكن ليس مثل فجر مكي شعرت فيه ذات مرة بهبوب ريح باردة وساكنة، وغمرتني طمأنينة حد كدت أطير، هي من المرات القليلة والتي لا تتكرر إلا مرة واحدة، يومها شعرت بالفرح والحظ والحظوة وبقرب من عطايا السماء.

اليوم.. هناك أماكن أتمنى أن أزورها، وما زلت أحلم بها، أماكن بعيدة وأخرى قريبة، هناك أماكن في بعض المدن تمنيت أن أقضي فيها أيام تقاعدي، أو تبقى محطات ثابتة في أيام خريف العمر القادمة، بيروت مثلاً، باريس مثلاً، مراكش مثلاً، بورصة مثلاً، حيث أشجار الزيتون، وزرقة بحر من بعيد، واشتهاءات رجل كلّ من الأسفار، وآن له أن يرتاح بجانب ظله.


نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates