بقلم : ناصر الظاهري
هذا الموضوع هو من باب سبر الأحوال، وما يؤول إليه المآل في قضايا تخص أصحاب المقال، قلت مرة سأراسل إحدى شركات التوظيف التي تملأ إعلاناتها منصات التواصل الاجتماعي، ومنصات معارض التوظيف، لكي أدرك مدى جدية مثل هذه الشركات، وكيف تصير الأمور؟ هل بسلاسة أم هي مسكّن؟ وهل تحاول الكسب والعزف على وتر الحاجة لطالب الشغل؟ وهل هناك واسطات دوائرنا، يتعبونك بتعبئة طلبات واستمارات وأوراق طبق الأصل، وأحياناً مقابلات شخصية لوظيفة هي ذاهبة لغيرك قبل الإعلان عنها، وربما الشخص على رأس عمله منذ شهر ويزيد، وغير هذا ربما عرفوني من الصورة، المهم.. انشغلت بتعبئة استمارات لا بأس بها إلكترونياً فيها التخصصات والدراسات والدورات وسنوات الخبرة، وقد كانت حقيقية بالفعل، وخمنّت في عقلي بأن طلبي سيكون مرفوضاً لعدة أسباب: أولها لعدم حاجة السوق لتخصصي ودراساتي، وثانيها نصحي بالقيام بدورات تدريبية يمكن أن ينتفع منها سوق العمل، وأجد الوظيفة المناسبة، وأقلها الاعتذار اللبق بعدم إيجاد الوظيفة المناسبة لكل هذه الدراسات وسنوات الخبرة، والمهارات اللغوية الناقصة، وحظاً أوفر في المرات القادمة، أما أسوأ الاحتمالات أن يهمل طلبي، ويظل مصلوباً على شاشة أحد الموظفين الذي انتقل من العمل الإداري التقليدي للعمل الإلكتروني بشق الأنفس، وحين قاربت الموس العنق، المهم أن لا تظهر تلك الوظيفة الشاقة التي في بالي، مثل أن أعيّن في «اتصالات»، وأكون مسؤولاً عن تلك الأبراج الهوائية، والضغط الكهربائي العالي، وعليك تسلقها لتتأكد بنفسك من مدى فاعليتها ونشاطها التذبذبي.
مضت أشهر، ونسيت الموضوع، ومغامرة التجربة، بدليل حين وصلني إشعار التوظيف، بقيت أفكر أن هذه الرسالة وصلتني بالغلط حتماً، حتى أدركت الموضوع، تدرون ما هي الوظيفة المناسبة لي في نظر تلك الشركة، وهنا لا أدري هل هي بناء على دراسة وتقصٍ، ومن باب وضع الرجل المناسب في المكان المناسب؟ أم هي من باب سد الفراغ والخانات، ورفع نسبة التوطين؟ لقد دهشت ومن ثم ضحكت حين قرأت تلك الوظيفة التي لم أكن أعتقد أن لها وجوداً أساساً في سلم الوظائف، وجداول الرواتب، كانت مسمى الوظيفة، «ضابط أمن مشتريات»، فقلت في نفسي: «أما المشتريات فقد أصابوا، ووجدوا الشخص المناسب للمكان المناسب، أنا أحسن واحد يشتري في الدنيا، لكن لا أجيد البيع، ولا المساومة، ولا الترويج، حتى للنفس حين أقدمها، أقدمها بطريقة خجلى، وأرتبك حينما يسألني شخص عن بطاقة (البزنس كارد) التي أمقتها كثيراً، خاصة وأني أعرف أن الطرف الآخر لن يهتم بها كثيراً، وستضيع منه مباشرة بعد حفلة (الكوكتيل) هذه التي ترى فيها ابتسامات خشبية، وضحكات غير صادقة، ولا مخلصة النية»!
وعلى رأي المثل الشعبي: «العيوز.. مب من خذّها، من اللي افتكّ منها»، فهذه الشركة ما زالت مصرّة على التخاطب الدائم بخصوص تلك الوظيفة، ولا ترى شخصاً مناسباً لها غيري، ما العمل؟ هل أقبل؟
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد