أناس يتشاجرون مع السماء 2

أناس يتشاجرون مع السماء "2"

أناس يتشاجرون مع السماء "2"

 صوت الإمارات -

أناس يتشاجرون مع السماء 2

بقلم : ناصر الظاهري

مثل ذلك الشاعر العربي الذي كان يتغنى لفظاً بالإلحاد، وهو غير مقتنع تماماً، وفجأة زمجر الميكرفون في وجهه، وبَقّت مصابيح الإضاءة فوق رأسه، ما جعله يخاف من شيء ما، هم كثر، أولهم المحاكي تجارب شعراء من الغرب بطريقة خاطئة، وهو في حقيقة الأمر لم يعش تجربتهم، ولَم يتواءم مع معيشتهم، وليست له صلة مباشرة بهم، هو مثل أصحاب العنعنة، حدثنا فلان عن فلان، بعد ما استنسخ هو وأمثاله تجارب مغاربية بوهيمية وجودية وسوريالية خاطئة، وإلا ما معنى شاعر يصحو الصبح، ولا يغسل وجهه، لا نريد منه أن يتوضأ خمس مرات في اليوم، ولا يتطهر في نهر الأردن، لكن على الأقل أن يمثل نفسه الشاعرة على نظافة، وإلا ما يجوز الشعر الصادق إلا مع واحد محْلِطّ، مثل أولئك يسْتَعْدُون الرقابة، ويستغلون حلمها الصامت تجاه الإبداع الحقيقي، فتصبح الصبح على عنوان ديوان أو قصة أو رواية من الذي يناكف السماء، ويتشاجر مع الملكوت، ويخلط اللاهوت بالكهنوت، وهو أمر يجعل ذلك الرقيب يصحو من تابوته وتحنيطه، على شاكلة؛ «رأيت الله في شارع الجميرا»، وهذا كتاب حقيقي سمحت الرقابة بطباعته وتوزيعه عندنا، ونفدت طبعته الأولى، ومنع في معرض الكويت أو على منوال «لا أرغب في جنتك، ولن أدخل نارك» أو على غرار قول «الحلاج» في عامة أهل بغداد: «معبودكم تحت قدمي»، فقطع رأسه، وأحرق، فتبين لهم أنه كان يضع درهماً تحت قدميه، ولكن سبق السيف العذل.
وإذا لم يكن ذاك الشجار مع السماء، كان الأمر في ضرب الثالوث المحرم عندنا، السياسة والدين والجنس، فإما تنبيش في التاريخ، وإسقاط على السياسة، بعيداً عن المحاكمة النقدية، وإعادة قراءة التاريخ، وإما النغز في الدين ورموزه، ورفع راية العصيان، بعيداً عن تحليل الخطاب الديني، وإما استباحة جنسية بألفاظ سوقية، وصور حسية بعيدة عن الأدب ورقي لغته، تماماً مثل فيلم «بورنو» غير أصلي، في حين الروس أصحاب المدرسة الواقعية استغلوا الجنس أحياناً في السينما والأدب لتمرير الأيدلوجيا أو الأفكار الثورية، متحايلين على الرقابة، بذرّ الرماد في العيون أو خلط السم بالدسم، وسموا تلك الأمور «القطط الفاطسة»، بحيث يظهرون في الفيلم قُبلاً ساخنة، ومشاهد تعرٍ فاضحة، فيسرقون عين الرقيب، ويحولونها لهذه المشاهد، فيقطعها ويحذفها، ولا ينتبه للأفكار، نحن عندنا ما زال المؤلف أو الكاتبة في طور الحلم، ويطبع الواحد منهم كتاباً «إيروسي» مباشراً خالياً من الفن والأدب، ويسمي الأشياء بمسمياتها الشعبية، بغية اصطياد المراهقين والمراهقات، وأصحاب العقد «الجنس نفسانية»، وطمعاً بالمنع في معارض الكتب، ليفرح أن الكتاب مُنع وصادرته الرقابة، وهذا معناه إشهار جديد، ومزيد من البيع السري، وتعدد الطبعات.. تلك هي مراهقة الأدب من أهل غير الأدب!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أناس يتشاجرون مع السماء 2 أناس يتشاجرون مع السماء 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates