البحر يودي بالبحّار

البحر يودي بالبحّار

البحر يودي بالبحّار

 صوت الإمارات -

البحر يودي بالبحّار

بقلم : ناصر الظاهري

يمكن أن نسمي بعض المهن، بالمهن القاتلة أو مهن لا تعرف الوفاء، تشكل في الحياة تناقضاً في نهاية غير متوقعة لأصحابها، ولغزاً من كوميديا سوداء للآخرين، فكثيراً ما قتلت بعض المهن أصحابها، كأن يموت سبّاح من الغرق، أو إطفائي في حريق، أو رجل مرور في حادث سير، أو جراح في غرفة العمليات على يد جرّاح آخر، أو مهندس يسقط عليه منزله الذي صممه بفرح، تبدو تلك الأمور أحياناً مثل حداد صنع سكيناً لشخص فقتله بها، لذا وصفت الشعوب تلك الحالات في حكمها مثل: من مأمنه يؤتى الحذر، والبحر يودي بالبحّار، وغيرهما من الأمثال.

أعتقد أن بعض المهن لها خصوصية الخطر، أو أن الخطر كامن فيها، لا نعرف متى يأتي، كأن يقتل طيار في تحطم طائرة، سواء أكان هو قائدها أو راكباً عادياً على متنها، لكن مهنة بائع الورد مثلاً، لا يمكن أن يدخل في طبيعتها فعل الموت، لأنها مهنة تتغنى بالحياة، لذا نادراً ما ستجد أن بائعاً للزهور لقي حتفه عند باب محله، بسبب شوكة أو بغية نهب محتويات محله، الحداد يمكن أن تشكل المطرقة أو النار خطراً على حياته، البنّاء يشكل العلو وكتل الأوزان خطراً على حياته، النجار قد يقتله مسمار صغير، لاعب السيرك عدوه الحقيقي لحظة سهو أو غفلة، السجّان أو الحارس مقتله النوم، الكهربائي يأتي موته من مهنة اللعب بالأسلاك.

وإذا كانت بعض المهن يكون الموت في ثناياها، فبعض المهن يكون الخطر والهلاك بسببها، كأن تعمل مصرفياً، كل مهارتك في عد النقود، وعدم الوقوع في الخطأ، فيأتي من يريد سرقة أموالك وسرقة روحك، أو كأن تكون صحفياً، فيجرّ عليك قلمك الحر، وموقفك الشريف، رصاصة من غادر أو خنجراً من خائن، أو كأن تكون قاضياً غير قابل للرشوة فتصفيك عصابة السرقة والمخدرات، أو كأن تكون مصوراً للأحداث فتلمحك عين ورصاصة قنّاص، أو كأن تكون حكماً بين ملاكمين في الوزن الثقيل فيختلفان منذ البداية، ولا يتفقان إلا عليك وعلى عظامك.

بعض المهن يكون الموت ملاحقاً لأصحابها لأنهم كانوا بسبب تلك المهنة في المكان الخطأ والوقت الخطأ، كأن تكون لاعباً للكرة، وتأتي صاعقة من السماء، فتنتقيك لوحدك من ذلك الملعب الكبير، أو تكون مشجعاً جالساً في منصة تغص بالألوف، وتأتيك شظية من ألعاب نارية، أو عاملاً فرح بطهارة الماء بعد يوم شاق في الهواء الطلق، ويسقط خزان الماء عليك، كأنه يبحث عنك وحدك، أو كأن تكون ميكانيكياً تحت سيارة مرفوعة تصلحها، ويأتي صبي عابث ويحرك شيئاً فيها فتنزلق جالبة النهاية المفاجئة، أو كأن تكون متشرداً سكّيراً وتنام تحت جدار برلين ليلة سقوطه مثلاً!

 
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحر يودي بالبحّار البحر يودي بالبحّار



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates