نصنع لغتنا أم تصنعنا

نصنع لغتنا أم تصنعنا؟

نصنع لغتنا أم تصنعنا؟

 صوت الإمارات -

نصنع لغتنا أم تصنعنا

بقلم : ناصر الظاهري

لكل كائن خطابه، تعبيره، لغته الخاصة الخارجة من لغته الأم الحاضنة، تعبر عن الحب والكراهية والإغواء، عن السعادة والفرح والحزن، كما له تعابيره المتفردة عن سر الدموع، وبريق العيون، عن الصدر حين تتقافز حماماته لمرأى من يسر القلب، الأسد يحب، والطائر يحب، لكن التعبير مختلف، والطريقة لا تتشابه، قبلة الشاب الحالم المنتظر القمر، وسَفَراً من أمل يأتي حين تنفرج نافذة الحبيبة المواربة على استحياء، تختلف عن قبلة الأرملة الرمادية، غناء حمام الراعبي في ظل النخيل، يختلف عن عواء ذئب البريّة، ورجفة الأصابع في أول لقاء، تختلف تعابيرها عن نظرات الوداع، الأم لها تعابيرها عن الحب، والأخت لها تعابيرها، قد لا يتشابهان، ويختلفان بالتأكيد عن تعابير الأب، المخلص له تعبيره، والخائن له تعبيره.

الخطاب السياسي «الديماغوجي» يختلف عن خطاب المثقف، خطاب الرئيس الذي يقود كتلة وطنية للمقاومة، يختلف عن خطاب الرئيس الآتي على ظهر دبابة، يريد سحق الاستعمار من أول بيان إذاعي، خطاب المنتصر يختلف عن خطاب المنهزم، خطاب كسب الود ونيل الأصوات يختلف عن خطاب حشد المظاهرات، خطاب الديمقراطية الحقيقية، يختلف عن خطاب ديمقراطية الاستهلاك، خطاب في الأمم المتحدة، يختلف عن خطاب عيد الاستقلال، خطاب الدول النامية، يختلف عن خطاب الدول العظمى في مجلس الأمن.

خطاب المدينة يختلف عن خطاب القرية، يمكن أن تدخل السوق، لكنك تسمع خطابات مختلفة على بضائع متشابهة، مثلما ينام شخصان على سرير واحد، لكن أحلامهما مختلفة، الحداد حين يرجع لزوجته يكون لديه خطاب، لكنه يختلف عن خطاب المحامي الذي يفخر ببدلة المهنة، وعنده تطلعات سياسية واضحة، ويقود سيارته بلا أقساط، خطاب الزوجة العاملة يختلف عن خطاب ربة المنزل، لغة الطبيب تختلف عن لغة المريض، لغة التاجر الرابح، تختلف عن لغة التاجر الخاسر.

الصمت لغة، لا يجيدها إلا البلهاء والحكماء، البلهاء يتلعثمون ويخطئون ويصمتون، وحدهم الحكماء يقولون ما لا تقوله السطور، وما تخبئه الصدور من سر القلم، وحكمة النون.

للمعلم لغته الإرشادية، للجزار لغته «التقطيعية»، للشرطي لغته التحذيرية، للعسكري لغته الآمرة، للطيار الصامت طوال الطريق لغته الأخيرة والقليلة، للمضيفة لغتها المفرحة، المطاطية كعلكة دائمة الحلوى، لغة فضائية بحيث المطب الهوائي يختفي بين ثنايا حروفها المنزلقة، كلام من نحب، نستقبله دون ملل، ويقلط على الشارب، ونفداه بالعيون، لغة السكرتيرة نقبلها، ونختلق للمدير أعذاره الكثيرة، السكرتير ولو كان صادقاً لا نقبل لغته ولا أعذار مديره، ولو كانت صادقة، السكرتيرة كالإسفنجة قادرة على امتصاص غضب المراجعين، في حين السكرتير مثل الحصاة على صدورهم، ثمة إشارات تنبعث من المرأة، غير موجودة في الرجل، تماماً كيفما يتغير كلام الرجال ونبراتهم إن حضرت امرأة بينهم فجأة!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصنع لغتنا أم تصنعنا نصنع لغتنا أم تصنعنا



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates