الذئب الأمّعط

الذئب الأمّعط

الذئب الأمّعط

 صوت الإمارات -

الذئب الأمّعط

بقلم : ناصر الظاهري

مرة.. وصلت الحالة بمواطن عربي درجة الهذيان، وهستيريا الجنون، فقرر الذهاب إلى طبيب بيطري، ليعرض نفسه، فتعجب البيطري من سذاجة هذا الحيوان الذي يمشي على قائمتين، ويريد مراجعة عيادته، فنصحه بأخصائيين نفسيين، فرجاه المواطن، أن يأخذه بسعة حلمه، وقدر علمه، ورجاحة فهمه، لأنه عومل طوال حياته باعتباره حيواناً من جميع الأطراف، فدهش البيطري، وقرفص يسمع سر قصته، فقال المواطن العربي الأليف:

- «لطالما نهضت باكراً كالبعير أبحث لي عن رزقة من السماء: ماء وعشب وكلأ، في العمر الغض، كدّتني الوزارة كَدّ شدائد الإبل، وعند أول عثرة، طردتني من الشغل شر طردة، وقالت: «الباب يوسع جمل»، و«أبعدتني إبعاد البعير الأجرب»!
- «طالما عملت كالثور طوال اليوم، فمثلي منذور للحرث والسقاية، ومسؤول عن زيادة عدد القطيع، ولا أحد يتفضل بشكر والحمد، لا مدير، ولا زوجة، ولا بقرة، ولا حكومة، وحين أطيح من العياء والتعب كثور ذبيح، تكثر سكاكيني»!

- «الحكومة بالذات تعاملني بدونية، وكأني سمكة نافقة، تريدني ما دامني قوياً، وبعافيتي كخيلها، وحين أحال إلى التكهين، لا أدري أين؟ وكيف؟ ومتى ستطلق عليّ رصاصة الرحمة؟ وتريدني أن أكون مطيعاً، ووفيّاً كالكلب، لذا تصرّ على تجويعي، رابطة العيش بالسياسة، بقطع الرزق، لأنها تؤمن بحكمتها الميكافيلية: جوّع كلبك يتبعك»!

- «والزوجة تريدني أن أكون أرنباً في البيت، لا صوت ولا حس يعلو على نَفَسها، وإن حاولت أن أتذمر أو أثور، استعملت معي سياسة العصا والجزرة»!

- «والمدير يريدني أن أكون وديعاً كالحمامة، ولا يسمع مني على الدوام إلا الهديل، فلا أزيد على ما يقول إلا أحسنت، والخطأ بعيد عنه، ويتعداه، بصراحة يريدني أن أكون ببغاء، لا يسمع مني إلا كلامه هو»!

- «والأولاد يريدوني أن أكون كأسد السيرك، له هيبته، لكن من دون مخالب وأنياب، والمهم أن يفرحوا بغلة يومه»!

- «زملاء العمل يريدونني أن أكون حماراً، حمّالاً لأسيتهم، صبوراً على ديونهم شبه المعدومة، جحشاً في تلبية طلباتهم الكثيرة»!

- «بعض الناس يريدونني أن أكون قرداً مسخوطاً، مضحكاً، مسلياً، بعضهم لا يراني إلا دجاجة تبيض ذهباً، بعضهم الآخر يحب أن يرّكبني كمطية لأهدافه، حتى السوق لا يرحمني بتقلبات أثمانه، يريدونني دائماً أن أكون كبش فداء»!

«لذا، الآن.. وبعد أن عرفت بانتهاك إنسانيتي، وحَيّونتي الأليفة المفروضة، لا مكان لي إلا عيادتك البيطرية»!

- يقال: إنه في ذاك النهار سمع الناس طويلاً عواء ذئبين أمّعطَيّن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذئب الأمّعط الذئب الأمّعط



GMT 22:32 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

خميسيات

GMT 21:24 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

التنسك في الألوان

GMT 21:19 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

نوبل.. تلك النافذة الكبيرة

GMT 23:31 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

السماحة تميزهم.. ولا تغيرهم

GMT 21:21 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

نتذكر ونقول: شكراً

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates