العاطفة والعقل

العاطفة والعقل

العاطفة والعقل

 صوت الإمارات -

العاطفة والعقل

بقلم : ناصر الظاهري

«والله ولد عمك هذا خمام»! شوف تأثير هذه الجملة غير المفيدة على الألماني وعلى العربي في آن واحد، رغم أن الألماني يكاد لا يعرف ابن عمه، ولا يهتم كثيراً بأحواله، ولو طلب منه أن يرافقه لباب البنك، لما ذهب معه، فكيف يمكن أن يضمنه أو يصبح كفيلاً له في البنك، والعربي تجده متعادياً مع ابن عمه، ويمكن بينهما ثأر بائت، ولو شافه في الطريق ما ردّ عليه السلام، لكن تعال وقول له تلك الجملة غير المفيدة، وشوف ردة فعله غير المنطقية، وكأن العاطفة هي من قادت العقل الذي ربما كان مغيباً ساعتها، الياباني خرج من الزمن التقليدي إلى الزمن الحديث، واليوم لا يمكنه أن يسمع كلمة «ابن عمك» مرتين في الأسبوع، ولا يمكن أن «يعتزي» بابن عّمه في الملمات، لأنه يحسبه معطلاً عن العمل الجاد، ولا يدري إنْ كان له ضرورة في الحياة، فإصرار الياباني أن ولد العم مشروع أنبوب اختبار، حتى يثبت العكس.

لقد سقت ذلك المثال لكيفية وصول الأمور عندنا نحن العرب، وبالتأكيد ليست الشعوب الإسكندنافية، إلى متاهات، وما يترتب عليها من نتائج وخيمة، ويمكن للواحد أن يدفع ثمن شيء بسيط لو تغاضى عنه في وقته لكان ما دفع ثمنه حياته، ولو صبر ساعتها قليلاً، لكان نجا بنفسه، ولَم يوردها إلى التهلكة، ولو حلم ساعة الغضب، وأعمل العقل، ولجم الغضب الذي يفور بالعاطفة في داخله، لكان قدر أن يسيطر على الأمور، ويوجهها الوجهة الصحيحة، لنرمي بمثال آخر، لو تصدى شخص لإنجليزي، وسبه، وسب سلسفيل أهله، فستجد الإنجليزي يبحث عن الأسباب، ويقدم المصوغات، ويلتمس الأعذار لذلك الشخص، فإما ينصرف عنه باعتباره مختلاً أو سيرد عليه بكلمات قليلة ترفع من قيمته، وتبصره بحقيقته، وسيبتعد عن العنف الجسدي، والتصرف الأرعن، وشوف العربي كيف سيتصرف أو أخينا الأفريقي، سيغلي الدم في جسده حتى يوصل الزعاف الرأس، ومستعد إنْ وجد حجراً على قارعة الطريق فلن يبقيه في محله، وإنْ كان مجنداً بحراسة، فسيطلقها تنقض عليه لتمزقه إرباً إرباً، والأفريقي ربما أحاط به، وطبخه في مرجل القبيلة أو سيهلكه بالعدو الماراثوني، المهم ألا يسكت عن تلك الإهانة التي تتطلب الدم ليغسلها، وكثير من حروبنا ومناوشاتنا في جوف الصحراء في الأزمنة الغابرة شرارة خرجت من هذا، أغضبت ابن عّم ذاك، فنقع الصائح، وتنادى القوم للحرب والغزو والسلب، وما حرب البسوس عنا ببعيد، فقد أشعلتها عجوز شمطاء، بسبب ناقة عجفاء، تلاقفتها آذان غير صماء، وأزكتها ألسن غير خرساء، وامتدت أربعين سنة مما يعدّ العقلاء!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العاطفة والعقل العاطفة والعقل



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates