بقلم : ناصر الظاهري
«مرات يؤلمك أن تلقى واحداً يحمل اسماً مثل اسمك أو متخذه كاسم فني للشهرة أو هو قناع لا تعرف من خلفه، ويظل يسجل على ظهرك سيئات الدنيا، وعقاب الآخرة، واضعاً مقابل اسمك الموقر الذي فيه خير ما حُمّد وعُبّد، وكله تقوى وورع صورة لشخص معضّل، شغل كمال أجسام، ورفع حديد وأثقال، وأنت ما يخصك بالموضوع، وَيَا دوب صحتك على قد حالك، والتي تشكو من نقص فيتامينات ضرورية باستمرار، ولا قد زرت صالة «جيم» أو حملت ثقلاً أكثر من هَمّ تدريس الأولاد، وَيَا ليتهم فالحين في الرياضيات أو الفيزياء ليقيلوك من مكابدة الحياة في شيخوختك شبه المبكرة، وخاصة ذاك المدربح اللي عنده لفّة السندويتش أحسن من أي معادلة حسابية، ومثلك أيضاً لا يعترف بأكل الخيول الذي يصّرطونه هؤلاء القوم ذوو الكتل العضلية في الأسطل البلاستيكية، وتلك الحبوب المقوية التي يَغرّونها على الريق، وبعدها ينتفخون ويتورمون حتى يصبح الواحد منهم مصكّاً هذا سيره، ولا لديك نية طوال حياتك أن تقود سيارة «همر» ذات دفع أمامي وخلفي، لأنها تتطلب مهارة لا تقدر عليها، وأنت «نيسان» وتتضارب معه لين يوصلك العين، وتحتاج إلى زند ووشوم على الأذرع، ولازم تتعصب بمنديل ملون، لزوم ما لا يلزم، وإن سعلت سمعتها الحارة كلها، والصورة المرفقة مع اسمك لا توحي للآخرين إلا بأنك هنجري شبعان، مب بيدار تعبان، ومن البطرة هذيك الفانيلة البيضاء اللي على جنبك بتتطررّ من هالوَهَس اللي فيك، ولا يكتفي صاحب الصورة شبه العارية الدالة على الجسامة بها فقط، ولكن المعضلة الصور التي في الداخل، مرة مئتزراً بقطعة، تقول حاج فرط منه إحرامه، ومرة تبدي طبقات الصدر والبطن مع كريم لامع، ومرة مثل الغاطس الخارج من الشريعة تقطر من الزيت وشعرك يغطي وجهك، وكأنك أحد راقصي معبد وثني، طبعاً كل الصور بدون وجه، ليزيد من غموض الحالة، مع خلفيات سوداء، وبروز عروق العضدين، قد تبدو مسألة مفرحة للذي يتقنع باسمك رأسمالك، والذي أمضيت ردحاً من حياتك في أعمال البر والتقوى، والتسجيل في حملات الحج والعمرة، ولكنها ليست كذلك بالنسبة لك، فهذه الصور تشير إلى أنك من سواقي الدراجات النارية المتلثمين ليلاً، الناوين على شر يوم الثلاثاء، بتلك السلاسل التي لا تنتهي والموزعة على الرقبة وفي اليد وفي أسفل الحذاء، المشكلة ليست هنا، المشكلة في ألوان قوس قزح الموجودة في كل إطار، وصور حفلات الـ«هيب هوب» غير الواضحة، والتي تجلب الشبهة لأي أحد، ولو كان مشمّراً ساعده للوضوء، فكيف يمكن أن تبرر لأفراد القبيلة أنك لست المعني بالأمر؟ لا تعرف تعتزي، ولا تنتخي، لأن لا أحد سيثيبك، فقد غابت الخناجر والمحازم، ولا تقدر أن تقاضي أحداً على اسم مشاع، ولا تستطيع أن تبرر الموقع غير الرسمي ذي العضلات المفتولة، والحياة المنفلتة»!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد