بقلم : ناصر الظاهري
بعض الأسابيع تمر على مهلها، وتأخذ وقتها، وترمي عليك شرها وشرورها، كما حدثني صديق، وهو من الصادقين، وإلا كذّبته، قال: إنه ظل يناضل من أجل أن ينتهي الأسبوع الماضي، ولم ينته، حتى أنه هرب منه إلى بلد قريب، وحين عاد وجد يومين باقيين منه، فقلت له: ربما الانتظار هو من يجعل الوقت مطاطاً، وعقارب الساعة ترجع للوراء، فالقلق لا يحرك شيئاً قدر ما
يحرك قدمي المنتظر، ويجعله لا يقدر على أن يجلس على «بيصه»، فقال: لا، فقط شعرت بأيامه كدهر، من كثرة ما حدث لي فيه من أمور، وقد لا تصدقني إذا قلت لك إنه بدأ بقضية احتيال عليّ، ليس عن طريق مشعوذ أفريقي أو بيعي عقاراً في الهواء من قبل شركة أفلست أو وهمية، بل عن طريق شركة سطت على وكالة تجارية خاصة بي، ودخلت في أذونات شراء حكومية،
صحيح أن المسألة ستأخذ وقتاً لحلها، ولكنها تعطيل وإزعاج وإرهاق أعصاب وخسارة، ثم دخلت والدتي المستشفى، وهذا وحده يمكن أن يجعل مني رجلاً تعيساً طوال الوقت، وكدت أدهس شخصاً عابراً فجأة وعلى غفلة، تبدو عليه علامات الارتباك والقلق والحيرة والتردد، وربما اليأس، لكن تلك الأمور لن تهم، فسيظل ذنبه معلقاً في رقبتي، وفي الأسبوع نفسه الذي تباطأت
نجومه وعي أن ينتهي، جاءني صديق من بلد بعيد، لكنه بعد ساعات من وصوله، وتناولنا طعام العشاء تعثر على الدرج، ونزف، وبقينا في مراجعات قسم الطوارئ الذي يحتاج لطوارئ حتى ساعات الفجر، بعدها غادر الصديق بكسره لبلد أوروبي يثق بصحته وطبابته، فقلت له: يبدو أنه أسبوع نحس، ألم تظهر فيه بوادر خير، غير تلك المشكلات غير المتوقعة؟ فقال: صدقني، حتى لو كانت فقد طغت عليها أحداث الشؤم تلك، والتي كان من بينها أن الزوجة عَصَدت سيارتها في تلاحم مفاجئ مع هندي على عجلة من أمره، وطبعاً لأن الزوج المصون مؤمنة، وبالتالي لا
تحب التأمين، لذا سترد الخسارة عليّ، وسأكون أنا الغارم وحدي، ولبقاء الزوج المصون في البيت بسبب إصلاح سيارتها المعصودة، ظلت تنقب في دفاتر قديمة، وصور منسية من أيام الجاهلية، فعثرت على مبتغاها من القش الذي يقصم ظهر البعير، وتحركت عندها الغيرة، وأعلنت خيانتي وعدم وفائي، وهدلت البرطم، وتكهرب البيت، فقلت له: كان لزاماً عليك أن تسافر،
لترتاح من شقاء هذا الأسبوع، فرد: فكرت بالسفر بعيداً، لكن وساوس جعلتني أتريث، وأغير وجهة السفر إلى بلد قريب، وبعد ثلاثة أيام رجعت، فوجدت الأولاد وجوههم مثل المنخل، بسبب جديري الماء «الحمجه»، وكلهم يحكون ويهرشون، والآن.. باقي يومان من الأسبوع، فقلت له: «هذا أحد داعٍ عليك، لو أنا مكانك.. بلزم المسجد، وبسبّح، وبفدي عمري برأس غنم، وبوزع «يراب سح» مب حولي، وبَدَخّن بلبان وشَبّه، وبنذر أزور قبر الولي»!