لا يليق لها الأسود

لا يليق لها الأسود

لا يليق لها الأسود

 صوت الإمارات -

لا يليق لها الأسود

بقلم : ناصر الظاهري

لأنها مدينة اللون والألوان الفرحة، لأنها تظل تضحك حتى شقشقة الفجر، ولا تمل السهر، لأنها مدينة تجاور البحر، ومفتوحة على العالم، لا تفرق بين قريب وغريب، لأنها مدينة معلقة بالحياة، وبرونق ما يحمل الورد من عطر، وما تخبئ السماء من مطر، لأنها برشلونة الضاجّة بالألوان، وصراخ الضحكات التي لا تنتهي، لا يليق بها ولا لها الأسود، ذاك الذي غطى مساءها غير المعتاد، وكأن شحاذاً غريب الأطوار استل سكيناً صدئة من إحدى المزابل، وغرزها في خاصرة سيدة متأنقة غادية لحفل ملكي، وفجأة شهقت بفرحتها المخبأة في الصدر المضمخ بأسرار من خليط الزهر، وضوع الجسد الأنثوي، كذلك من فعل بمساء برشلونة التي لا تستحق إلا الفرح، والتباهي بألوان الحياة، وزينة الدنيا.

لا تدخل مدينة مثل برشلونة، ولا يسبقك الشعر لها، لا تدخلها، ويبقى فيك شيء من دنس النفس غير الأمّارة بالحب، مدينة صنعتها الفرح، ولا تغيب عن سمائها ألوان قوس قزح، فمن يريد بها شراً، وهي الوادعة مع أحلامها، وضحكاتها المعطرة؟ كيف طاوعت نفس ذاك الطاغوت أن يرمي طفلة بمهدها قرابة أمتار عن يدي أمها؟ كيف زاغت أبصار صبايا بعمر الزهر، وكيف روعها اصطدام الأجساد بالحديد؟ وكيف تبتر الساق، وتلتف الساق بالساق، وكيف ينغرس الحقد في اللحم الطريّ؟

برشلونة.. والحزن عابر كريح استدعاها بحرك ليطبعها بلونه الأزرق البارد، قبل أن يسلمها لشراع أول مركب غاد، والأسود كلون تكتحل به العين مرة، لتضفي عليه من بريقها، وسحرها الدفين.

أمام فعل الشر الذي يخجل الشيطان منه، تقف الكلمات متعثرة، تدفعها مرارة الفم، ولا جواب يمكن أن يقنع الإنسان، فالأسئلة متزاحمة يخونها النطق، فالفعل أفدح من أن يوصف، ولا دواعي تبرر خيانة الإنسان لنفسه، ولعاطفة صغيرة تسكن قلب أعتى الطغاة والظالمين أنفسهم، ويمكنها أن تقدح شرارة خامدة في العقل، وإنْ انطفأ، فقط لتذكّره في لحظة الجنون، أن هناك كائنات تشبه خيوط النور، وأثير الجنان، لم يعرفوا الدنس بعد، ولَم يتلوثوا بشرور الإنسان حين يطغى بعد، وأن حليبهم المسائي تحرسه الملائكة، وينتظرون عودتهم لأسرتهم القطنية البيضاء، ليسلموهم أحلامهم الملونة مع أول إغماضة حين تتراخى الرقبة الرطبة على مخدة من الدفء الأُسَري، لكنهم في مساء برشلونة الأسود الحزين هذا، أغمضت جفونهم على الدم المتخثر، وكانت إغفاءتهم الأخيرة، وعيونهم شاخصة تناظر شكلاً من دخان، وبلون الغربان!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا يليق لها الأسود لا يليق لها الأسود



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates