تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر- 2

تذكرة.. وحقيبة سفر- 2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

استند صاحبنا على الجدار برجل، وعلى الأرض برجل كالصافنات الجياد، وهو يتأمل المارة، ويناظر ساعته، ونكاد نسمع سبابه من حركة شفتيه التي لم تكن تحمد وتشكر بالتأكيد، واشتعال فتيل سيجارته المتسارع، دخل المشرب اثنان، أحدهما يلبس بنطالاً أحمر، والآخر أخضر فاتحاً، فاضطربت حركة صاحبنا، وكاد يعود لتمشيط الرصيف، تعالت الضحكات المتغنجة التي كان يسربّها باب المقهى كلما فتح.

في البداية، وحينما حدثنا لاحقاً، كان يعتقد أن هذا المشرب خاص بالطلبة، أو تابع لأحد الأندية الإنجليزية التي تهتم بالنشء، والفريق الرديف، لكن مساحيق مبالغ فيها، وعطور على غير عادة الإنجليز، وتلك الطاولات التي تجمع كل واحدة رأسين ليسا بالحلال، رجال وليسوا برجال، خليط متأنث في الملبس، وتلك اللحى التي ليست على رجال ممن يعدهم صاحبنا «إخوان شما»، نَفَر من أصحاب الدراجات النارية، وأصحاب الوشوم في حي «سوهو»، وآسيويون من بحر الفلبين، يأسفون على زمن الإنجليز، أيام «الجنتلمان»، وتلك الرصانة، والتقليد الارستقراطي المحافظ، كانت الشوارب الطويلة، والكثة، والمعتنى بها، والمصفَرّة من التبغ الحار، تملأ وجوه البحارة والمغامرين في المستوطنات البعيدة، أيام كان «اليعري» الإنجليزي عن سبعة، وبلا بندقية، الآن بناطيل سوداء مرصصة، وبُنية نباتية، والشعر رطب من «الجل» يوحي لك الواحد منهم بأنه للتو خارج من حمام خالته، وذاهب مباشرة لمقر عمله في قسم الملابس في محال «هارودوز».
مر الوقت على صاحبنا، وكأنه دهر، وشعر كأنه مرمي على سيف البحر، لائثاً في مكان بلا ملامح، استوقف شخصاً مارّاً، حينما تأكد من سحنته أنه منهوك من ضجر لندن، تحادثا، وأخرج له الورقة، وناظرا لوحة المشرب التي تحمل في بدايتها حرف «G»، وتبادلا هزات الرأس، وانصرف، بقي صاحبنا حائراً، ثم قرر أن يدخل المشرب يقدم رجلاً، ويؤخر الأخرى، ابتسامة الأفريقي الحامضة، والذي يرتدي السواد، أعطت جثته دُغل الغاب، وشعره المحلوق والمُزَيّت صنّفه أنه من خدمة المعبد، وحراسه الليليين، كان المكان عامراً، وهناك وشوشات مثل ارتجافات العصافير المبلولة، ودخان يعبق به المكان، اثنان من المعضلين واقفين يتناجيان، لو شَبَر زند كل واحد منهما لكان كالجذع، ظل يتساءل طيلة بقائه في لندن، عن سر هذه الكتل العضلية، وسر الحلق في الأذن، فيردد متأسفاً: «يا خسارة ذاك اللحم، إلا أمبونه اللحم في الثيران، والسم في الغيلان»، حاول أن يجد له طاولة فقط ليلتقط أنفاسه، وحين جال في المكان، وتبصر في الجالسين، استشعر أن المكان ليس له، فقد كثر الدقّ والوشم، وكثرت أقراط الأذن، فخرج هارباً، ليجدنا نضحك، ممسكين بخواصرنا، فكانت أول ردة فعله، أن قال: «أنتم أصلاً مَخَمّة.. مب رياييل»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية

GMT 07:50 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

14 منطقة حول العالم تشبه مدينة "البندقية" الإيطالية

GMT 11:42 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مواطن إماراتي ينجح في اصطياد 3 أسماك ضخمة أحدها طولة 3 أمتار

GMT 23:51 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

فوائد تناول الزعفران يوميًا يعالج امراض القلب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates