بقلم : ناصر الظاهري
«بصراحة.. ما في مقارنة بين شوابنا وشوابهم، أعني الشواب الأميركيين والأوروبيين، والشواب العرب، صحيح نضحك عليهم حينما نرى أحدهم يتراقص مع أي هبّة ريح أو إذا شلّه الهوى، عبر عن نفسه، ومكنونات دواخله، ولا يحاتي أحد، مب مثلنا تلقاه يحاتي العيب والمنقود والسنع، وأن عياله كبره، ومن سنّاه، رغم أنها كلها أمور لا يخصها بالتعبير عن النفس، هي أمور تقاس بها مواقف الرجولة الحقّة، وتلقى شيبتنا حليله يحط في خاطره على أدْناة الدون، ويريد يتدخل في شغل «البشكارات»، ويتنازع مع «الدريول» بشكل يومي، وممل، ويسير العزبة لو ما عنده حاجة، ويحب يتغلى على زوجات عياله.
الأميركي والأوروبي خلاص ما يهمه أحد ما دام عياله كبروا، وما دامه هو شَوّب، وعيوزه تكندمت، تلقاه ينصرف في آخر حياته لنفسه، ويشرغها، ولا يخليها تحتاج حاجة، يمكن يركب باخرة تجوب البحار مع عجوزه يستذكران جميل الوقت، والعمر الذي عدّى في غمضة عين، يمكن يتبرعون بأموالهم لبناء مدرسة لفقراء الهمالايا، ويظلون يقضون السنوات هناك، بحثاً عن سعادة كانت غائبة، نحن الشايب والعجوز عندنا ما يواحي لهم المساكين يوصلون الخمسين، وكل سنة، وإلا حج وإلا وعمرة، وإلا قيام العشر الأواخر من رمضان لين تعَنّ ركبهم، والعيوز عندنا يتسابقون عليها عيالها، من بيأخذ أجر توجيهها نحو القبلة منذ أن تصبح الصبح، هي سنة وإلا سنتين، وتبدأ مشاريع الكفن والحنوط والكافور، وتذكيرها عند كل صايح ديك: لا تنسي توصين قبل ما يأخذ الله أمانته، هي مرة وإلا مرتين من هالدعاء، ويزور عزرائيل حوِيّها.
أما صفة «الشائب العايب» التي نطلقها جزافاً، فلا تنطبق على الشواب المنفتحين على الحياة، المدركين ألوانها الجميلة، والأولى بها هؤلاء الذين يتمردغون في الصبغ، شوي وإذا به تقول بايتة عليه سهيلي صليم، وإذا بمنابت الشعر عاندت الصبغ، وأصبح رأس الواحد تقول جناح شاهين، وإلا الحِيّات الواحد منهم يذّكرني برئيس وزراء الصين، طيّب الذكر «شون لاي»، أو «برجنيف» في آخر أيامه، ويوم ما يريد يرجع شباب بيودر عيوزه، ويأخذ له واحدة صغيرة، معتقداً أن الحياة تبدأ من هنا، وأنه كلما تدخل في حياة عياله، وألزمهم يمشون على خطاه، رغم تغير الوقت والظروف، كلما كان سعيداً، وكان يفترض في شيبتنا بدلاً من ذلك أن يسعى لتعويض كل الفيتامينات الناقصة عنده، نتيجة سوء التغذية، والتخبيص غير المدروس، وعدم الاهتمام بالخضراوات والفواكه وحليب الصويا في شبابه.
بصراحة.. يعجبوني العجائز والشواب الأميركان من جمعية إلى جمعية، لا تعتقدون أنها مثل جمعياتنا، لا، هذه جمعيات للحياة، وإدامة الشباب بالعمل، مرة جمعية معطوبي الحرب تلقاهم يشاركون، حماية الأرنب البري، يشاركون، جمعية الأطفال الذين يلثغون، تلقاهم أول ناس، بصراحة حياتهم سهلة، وهم يسهلونها، نحن الحياة صعبة، ويشعلونها، ولو طلبت من جماعتنا الانضمام إلى جمعية رعاية القنفذ المهدد بالانقراض، لقالوا لك: فقدتك وَيَا هالشور نحن بننقرض، والدْعَلَيّ بيتم»!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد