لم يكن غير فيل

لم يكن غير فيل!

لم يكن غير فيل!

 صوت الإمارات -

لم يكن غير فيل

بقلم : ناصر الظاهري

ضمن ما درسناه بالجامعة في علم النفس، قصة تجربة وبحث أجري على نَفَر من معصوبي العينين، وجعلوهم يتحسسون جسد فيل، ويسجل كل شخص انطباعه، ومدى معرفته بذاك الشيء المحسوس الملموس، فوصف كل شخص جزءا من الفيل مشبهاً، فالرجل يمكن أن تكون ساق شجرة كبيرة، والأذنان يمكن أن تكونا زعانف حوت، والخرطوم والذيل اختلط أمرهما، والجبهة

يمكن أن تكون باب معبد قديم، كل واحد من أولئك الخاضعين للتجربة، والتعرف على ما يلمسونه، وما يوحي لهم، قاربوا الحقيقة، لكنهم لم يعرفوا الحقيقة، وجانبوها، ولَم يتعرفوا على الفيل، وهذا ما حدث حين عرضت إحدى الزميلات صورة تم تداولها لامرأة تعرضت للعنف المنزلي، فبدا وجهها متورماً، وبه كدمات، الفريق النسائي اتحد بمجمله، ونتيجة تأثير الصورة،

ومخاطبتها للعاطفة الهشة.. صرخن بالسباب والشتائم، وعظائم الأمور على الزوج، وناصرن أختهن ظالمة أو مظلومة، وأقل الكلام الذي كان موجهاً من طرفهن للزوج، «أنه ليس برجل»، و«أنه مريض نفسياً و«سادي العقد»، وصرخت واحدة من بينهن: «والله لخلعه، وقبل ما اخلعه، بخلع له رقبته»، ولا واحدة خرجت عن ذلك الانفعال الأنثوي، ثم ملن نحو ترقيق الحالة، مثل، «مسكينة عندها عيال، وهو لا يُقَدّر»، «حرام... عليه، هذا مسعور».

في حين انقسم الفريق الرجالي، منهم من تأثر بصوت نُون النسوة، ومنهم من اتخذ العقل، وجنّب العاطفة، فقال أحدهم: «نحن لا ندري، حكمنا من خلال الصورة، ربما وجهت له ضربة قاتلة أو تحت الحزام»، وقال آخر: «ربما أخرجته عن حلمه وطوره واستفزته بقول أو فعل»، وأردف آخرون بقولهم: «ربما اقترفت ذنباً لا يغتفر»، وتطرف آخر قائلاً بحكم شبه مؤكد: «هذه فعلتها شينة، وتخجل الرجولة»، كلا الفريقين جانب الصواب، واجتهد، وفق نفسيته، ووفق علله الداخلية، ووفق إسقاطات آتية من النفس الإنسانية، وعقدها، لكن الحقيقة أنه «لم يكن غير فيل»، ولَم تكن غير صورة لامرأة تعرضت لحادث سيارة، وأن الزوج بريء، والزوجة تحب زوجها.

هكذا نحن ننظر لما نريده، وما تمليه علينا نفوسنا، وما يمكن أن يريح أحوالنا المتأزمة، لا ننظر لأوجه الحقيقة، ولا نقدم العقل قبل العاطفة، ولا نتحدث بموضوعية، نحن جميعاً واقعون تحت تأثير الانفعال والحماسة والعاطفة الجيّاشة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم يكن غير فيل لم يكن غير فيل



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates