بقلم : ناصر الظاهري
من الأشياء الجميلة والباقية والمستمرة لزهو دبي، دانة المدن وفرحتها السنوية مهرجان بحجم دبي السينمائي، وحضوره المتميز من كل أطراف العالم وجهاته، والذي أصبح ضمن جدولة المهتمين منتجين ومخرجين وموزعين ومشاركين، خاصة وأنه يعقد ضمن أجواء بداية الشتاء، وطقسه الجميل، وضمن الاحتفائية السنوية المتجددة والمختلفة كل عام، ومع بداية انطلاقته هذا العام وختام أعياد الاتحاد، تم زف بشرى بقاء واستمرار التجديد والتطوير لهذا المهرجان السينمائي الدولي الذي غدا يحتل الرقم واحد لسمعته الدولية، ونزاهة اختياره وموضوعيته من أجل سينما حرة وتعبير صادق وفن متألق، يليق بالمدينة وسمعتها العالمية.
اليوم مهرجان دبي لا يأتي إليه المدعوون الرسميون فقط، بل بدأ يستقطب محبي السينما، وصار جزءا من سياحتهم الفنية، وملتقى فنياً يستحوذ على اهتمام السينمائيين في العالم، فمتى قدر أي مهرجان فني أن يسلط الأضواء على المدينة، ويشهرها، ويصبح رمزاً لها، يكون نجاحه، وقدرته على البقاء، وضرورته في الاستمرار، ومتى اقترنت المدينة باسم مهرجان فني ناجح، كانت حظوظه كبيرة في الصيت والشهرة والجذب السياحي والفني، والحضور الإعلامي العالمي.
هناك حول العالم مدن صغيرة ومدن كبيرة تبذل قصارى الجهد، وتستجدي الدعم المالي الحكومي ومن القطاع الخاص، ومساهمات أساسية من البلديات وقطاع المصارف من أجل إقامة مهرجان فني يخلد المدينة، ويثري ثقافتها، ويروج لها سياحياً وإعلامياً، فخلال أسبوع أو عشرة أيام مدة المهرجان تجد المدينة شعلة من النشاط والعمل التجاري والفعاليات الثقافية، واسمها يتردد في الجهات الأربع، خاصة حينما نعرف كيفية استغلال الإعلام، والدراية في التعامل معه ومع مفرداته.
لا يمكن أن نقول اليوم غير كلمة شكراً لهذا المهرجان الفني الدولي، وشكراً لأنه بقي خارج الوصاية، وخارج التنظير من الخبراء، وممن يدعون سبقاً وريادة علينا في هذا المجال، مهرجان دبي شق طريقه كما أراد له المسؤولون في دبي، ومثلما هي مشاريعهم الأخرى في هذه المدينة، وتمهيد السبل للنجاح والتفوق قبل الشروع في الإطلاق، فليست كل المدن قابلة للتجريب، وليست كل المدن لديها المتسع من الوقت لتسمح باستنساخ تجارب الآخرين، وقد تكون فاشلة أو لا تناسب بيئتنا كما ينبغي لمشاريع النجاح والتفوق التي ننشد.
ولولا التجديد كل عام، ولولا محاولة أن يضاهي المهرجانات السينمائية الدولية في كل دورة، ولولا محاولة الابتكار والإبداع في كل نشاط وفعالية، ولولا البحث عن الجديد والمتميز والراقي فنياً، لولا كل ذاك ما وصل دورته الثالثة عشرة، وما زال التصفيق مدوياً له.
المصدر : الاتحاد