بقلم : ناصر الظاهري
يسعد صباح الجميع.. صباح مشرق ومورق هو صباحي، كيف هو صباحكم؟
صباح دام باللقاء بكم طوال خمسة عشر عاماً، تشاركنا فيها القهوة الحلوة والمرّة، سرقنا قبل غيرنا ضحكة الصباح، وابتسامة كانت شاردة، غنينا سوياً للوطن حين كانت «الأغاني ممكنة»، وقابلة أن توّلد النوّار، وتزرع الخَضَار، بكينا الرجال، وبكينا كلمتهم، حين كان يسقط واحد منهم، فنشعر أن الأرض تميد بنا، لا اعتراضاً على الحق، ولكن لكي لا يزيد الشر سطوة، بفقد شخص جميل ونبيل، مجّدنا العمل والفجر البكور، وأن عماد البلاد عليهم أن يخشوشنوا، فإن النعم لا تدوم، وعليهم أن يعرفوا ويعلموا ويتعلموا ويعملوا: يعرفوا قيمة الأوطان، ويعلموا معنى الانتماء والولاء، ويتعلموا ما ينفع، ويعملوا من أجل الواحد والجميع.
لا نترك حجراً أو شجراً في الوطن من دون أن نلقي عليه نظرة حنو، نحاول أن لا ننسى ما تجبرنا عليه الحياة أن ننساه، نحاول أن نكون حرّاساً غير مرئيين، ولا مرائين، مبشرين بالخير والحب والجمال والعقل والنور، مجالدين ضد منظري التكفير، بغاة الظلمة، كارهي التفكير.
لا تمنعنا الحالات، ولا الزهو بالحياة أن نركض خلف غيمة نراها حبلى بالمطر، واعدة بـ«الحيا» والربيع، ولا تمنعنا أن نقف مع صاحب حق مظلوم، ولو كان من هنا أو جاء من هناك أو تمنعنا قول الكلمة المخالفة لأننا نرى فيها طاقة سفر ونور، ولو قرأك الآخرون خطأ، وفسرك المستفيدون خطأ.
ولا تمنعنا أثقال الرجولة من الانحناء لالتقاط نعمة قليلة ساقطة أو تقبيل رأس طفل أو إماطة أذى عن الطريق أو يمكن أن تمنعنا ولو مرة واحدة من أن نرفع رؤوسنا فخراً بالمرأة وفعلها، وشكراً بالبشارة بها، ولو مثنى وثلاثاً ورباعاً، ومرحاً لأنها أخت للرجال، وهذا شرف يكفي!
ثمة أشياء كثيرة يختزلها هذا العمود اليومي، وحبكم، هي علاقة بين القلم وما يسطرون ويقرأون، علاقة بين الكاتب والقارئ، فيها من التآمر على الود، ومشاركة طقوس الألفة، واقتسام تفاصيل اليوم، نغيب قليلاً عن الصباحات المشتركة، لكننا لا ندخل مدينة إلا سوياً، لا يضم الكاتب مكان، إلا وظلال القراء تسبقه إليه، كثيراً.. إنْ لم يكن دائماً، هم يسافرون معه، ويرى بعيونهم، لا يستأثر بالأشياء وحده، لأنها لهم، فالشكر لمن يسأل، ولمن لام، ولمن عتب، ولمن أحب، ولمن أسبغ الود، يسبقه الاحترام، تكفيني فقط فرحة أن يوقفني أحد، سارقاً المسرة من عينيه، وقبل أن يحرّك شفتيه!
هذه تحيتي لكم هذا الصباح، فكيف هي تحيتكم؟