بقلم : ناصر الظاهري
لا أدري هل نتعامل مع الإحصائيات التي تظهر بين الحين والآخر بروح رياضية ودعابة تضحك الجميع؟ أم أن هناك بعض الجهات تحملها على محمل الجد، وتظل تسأل وتنبش وتحلل النتائج لمعرفة الأسباب، وسبل التخلص من أمورها السلبية، ودعم الأمور الإيجابية فيها، حتى عد الإحصاء علماً، وفناً قائماً بذاته، يجذب المتخصصين وبيوت الاستشارة ومراكز البحوث والدراسات، وهيئات قياس ردات الفعل، والرأي العام.
من بين هذه الدراسات التي ظهرت، أن المكفولين أقل تعرضاً لمرض ضغط الدم من الكفلاء، وظاهرة أمراض العصر الحديث، الضغط والسكري وارتفاع الكليسترول، بين المواطنين أكثر منها بين المقيمين، وأن البدانة في مجتمعنا العصري أكثر منها في المجتمع القديم، واستقصاء يفيد بارتفاع نسبة المدخنين بين طلبة الإعدادي والثانوي، واستبيان «قطري» يفيد بأن العمالة العربية في الإمارات تجد ضغوطاً في الحياة، وتمتهن حقوقها، وظاهرة العنف بين الأحداث تكثر في المناطق الأقل فقراً، وبعداً عن العاصمة، وأن حوادث الطرقات الأكثر فتكاً بالأرواح، وأن المخدرات رسمها البياني في تصاعد، وبحث ميداني يرى أن اللغة العربية في الإمارات أصبحت يتيمة، وأنها في طريقها للاندثار، وأنها تتراجع في سوق العمل، ودراسة إحصائية جديدة تثبت أن الفحولة في خطر لدى مواطني الإمارات بعدما ظهر تدنٍ في نسبة الخصوبة عندهم، رغم صندوق الزواج ودعمه المستمر للشباب، والأعراس الجماعية التي تتكفل بها الجهات، لكن المسائل خرجت من أيدي النشامى، وأصبحت عند المعالجين والمحللين، وقريباً سمعت عن إحصائية تفيد بأن المرأة في الإمارات تعيش بعد رجلها بعامين، والسبب عند الرجال واضح، أما الحريم فيتغشين، ويقلن: «نفاد.. أكوه الطريق»!
مثل تلك الإحصائيات والتي تنحو مراراً نحو بسمة النتائج ودهشتها واستغرابها تعطينا مقياساً حقيقياً لشيء علينا أن نقف عنده، وننتبه، ونصحح المسار بالسرعة الممكنة والجهد الكبير، وعلينا أن نولي المراكز والهيئات التي تقوم بمثل تلك الجهود الاهتمام، ورصد الميزانيات، ودعمها بالدارسين من أبناء الوطن، والمتخصصين، لكي تكون خطوات الطريق دون عثرات أو في اتجاهها الصحيح، ولنا في الدول المتقدمة في الغرب أسوة حسنة، حيث تأخذ هذه المراكز، وتلك الدراسات الأولويات القصوى، سواء كانت دراسات اجتماعية أو استقصاءات اقتصادية أو دراسة ظواهر انثروبولوجية أو قياس رأي عام أو تتبع ظاهرة مجتمعية طارئة، ففي الغرب كل رقم يعني مسألة تحتها خط أحمر، وكل قياس يظهر يُعَلّم بالقلم الفسفوري، لذا لا تسير أمورهم سير الأخفش من الناس أو خبط العشواء من الإبل.
بقيت مسألة مهمة، وهي أن لا نخجل دوماً من النتائج مهما كانت، ولا نخبئها عن الدارسين والمهتمين ووسائل الإعلام، لأننا باختصار نزيد من عمر المشكلة، ونفاقم أمرها، ولا نبترها!