تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

نمت مرة في حديقة عامة في اللاذقية، وسكنت مرة في منزل خرافي على نغم موج البحر، جربت أكل الشعوب وعاداتها، استطعمت بعضها وأكثرها، أقلها هو ما عافته نفسي، جلست في بيت عائلة إثيوبية حين انقطع الحال، وسكنت عند أسرة إنجليزية، وأسرة فرنسية، وبيوت الطلبة، وفنادق فخمة للغاية.

 أنا هنا لا أكتب.. فقط أحاول أن أتذكر ما مرّ معي خلال تلك الأسفار، أجمل أكلة أكلتها في جنوب فرنسا في «أكس بروفانس» عند عجوز يهودية مغاربية، كانت تقدم لي فطور شهر رمضان بيدها، وأسوأ أكلة أكلتها على مركب في مدينة هونج كونج، يومها رأيت كيف يكسرون مخ القرد.
لم تكن عندي يوماً مشكلة في تذبذب الحال، واختلاف مستوى الأكل، والمركب، والمنام، لكنني كنت أحرص على أن أجد مناماً مريحاً آخر الليل، وآمناً، وأجد حماماً نظيفاً يجعلني أغفو في مسبحه، وأستمتع ببرودة سيراميكه وبلاطه اللامع ورائحة فوطه.

أحببت مدن البحر الأبيض المتوسط لدرجة العشق، أعشق المدن التاريخية، غرامي إسبانيا، وليتني عشت عصرها الأندلسي، مدن التاريخ أشعر أنها كالجدات الدافئات أو كالأمهات الطاهرات، أكره المدن الزجاجية والتي يمكن أن تبيعك أي شيء حتى روحها أو مخدع ضناها.

في هذه المدن الكثيرة كانت هناك نساء كثيرات، صادقات، عابرات، وفيات، جاحدات، بريئات، مخادعات، ليس هناك.. مثل تلك المغنية اليوغسلافية التي تدعوك لعيد ميلادها وتقطع مئات الأميال لتحظى بتلك الليلة في شوارع بلغراد ومينائها النهري والمشي حتى بزوغ الفجر، وليس هناك.. مثل تلك الأثيوبية التي تترك لك بيتها والجلوس مع أسرتها وكأنك واحد منها، تسندك حين تسقط بك القدم، وليس هناك.. مثل تلك المحامية التي تضطرّ أن تجلس معها في قضيتها الشخصية، تدافع هي عن الناس، ولا تعرف أن تدافع عن نفسها، ليس هناك.. مثل طالبات الصفوف في مقاعد الدراسة الباريسية، ولا مثل من حملت أوزارك.

في المدن الكثيرة.. كان هناك أصدقاء حقيقيون، ما زالت صناديق البريد تشعر بدفء حروفهم، وما زلت تفرح من قلبك إن التقيتهم مرة في مدينة من هذه المدن.

زرت مدناً كثيرة مقدسة، وزرت مساجد تاريخية وكنائس قديمة، وبيع للطوائف اليهودية، ومعابد لمختلف الأديان والملل والنحل، لأنها تلقى هوى في النفس، واهتماماً كبيراً منذ الصغر، هي من فضول المعرفة وفك طلسم الأسئلة الوجودية الكثيرة والتي تتبعنا منذ معرفة النون والقلم وما يسطرون، وحتى إدراك اليقين والمعرفة النورانية، لكن ليس مثل فجر مكي شعرت فيه ذات مرة بهبوب ريح باردة وساكنة، وغمرتني طمأنينة الحياة، لم أنس ذلك الفجر المكي، ويتراءى لي بين الحين والحين، وكأنه هبة من السماء هبطت، وسكنت الفؤاد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates