بقلم : ناصر الظاهري
يوم يمر المزيون الأجنبي، حلم الدراسة الجامعية، تجتمع كلمتنا لأول مرة مع تنهيدة خارجة عن الإرادة، قريبة من التمني، وهو غير عابئ بنا، ولا فكر حتى أن يلتفت صوبنا، وعلى ذكر «صوبنا» كان هذا النداء الغزلي المتبع في وقتنا الذي مضى، أما المواطنات من الجيل الطالع، فلا يحظين إلا بالتعليق والنقد، وذم وطرهم، وبعد الكلمات التي نريد أن نفرض فيها «أبوتنا» عليهم، والذين كثيراً ما ننعتهم بأنهم «ما شابهوا أهلهم»، تطل الحسرة، ونتذكر فيها البر والمزيون، وأم حيايين عطايف، لابس الشيل الرهايف، فتطرأ على أحدنا ظلة اللوميه، وماي الفلي، وبراد النخيل، ومقفلة الجامي والخلاصة، مع مخرافة رطب النغال قبل أن يسحح، وتدّق عليه سيرة العين في الحال.
ويا ويل إذا ما سمعنا أن واحداً منا ضحك عليه محاسب باكستاني، ولطّم شيئاً من حلاله، هو يقول: هاذيلا إلا شوية بهانس، ونحن نعرف أنها همجة، ويا الله كم نتشره إذا ما تكاسل أحد أن يوصلنا مودعاً إلى ما بعد عتبة بابه، لأن هناك كلاما كثيرا ينقال عند عتبة الباب، ونحن وقوفاً، أما البلدان فقبل كل سفرة نظهر فيها كل العيوب: والله غالية على الفاضي، وهذيك البلاد مدحوبة عربان، ما تنطاح، يتمّون يتنشدون عنك، وعن الحوّة وعروقها، وكم جالس، ومتى بتردون البلاد، والبلاد اللي نعرفها ما عادت مثل الأول، خلها تولي، ما فيها إلا عيايز، تبقى لندن الخيار الأول والأخير، والتي نرضى بعيوبها، ونخفيها.
لا يعجبنا العجب، لكننا لا نعترف بذلك، حتى رمضان إنْ جاء في الشتاء، قلنا: صوم وبرد، وإن جاء في الصيف، قلنا: منو يروم يصوم في هالحر! بنرد نحسب حساب الأولين، المربعانيات، وأول الصفرّي، ونجم سهيل، ويوم تنتصف الظلة العصا، وغيرها من الأمور التي لا تعني في الحياة الجديدة شيئاً ذا قيمة، ليلنا قصير، نتم ننود قبل صلاة العشاء، ويوم نروح البيت يطير الرقاد من الجفون، وإذا ما سرقنا إجازة نهاية الأسبوع، وسرنا مزرعة أحدنا، وبات يتجمل، وما خلا ماعون ما حطّه، وسوى لنا ذلك الجو الرومانطيقي، والذي كل أغانيه مثل «سترينجرز إن ذا نايت» و«براون غيرل إن ذا رين»، ويبدأ المتخرج من أميركا يتحكك، ويتمايل، وكأن الأغنية هيضت ما به، أونّ الحبيب يجتر ذكرياته، وشبابه الدراسي الضائع هناك.
أكثر ما نتشكى من، «الدريوليه، والبشكارات، وعوار الظهر والركب والأولاد»، أما أمهم ففاجين لها رأسها منذ زمان، لا تشره علينا، ولا نشرها عليها، لا تريد منا حاجة، ولا نريد نحن منها عازه، غير العِشرة ما تهون على بني آدم، ونحن مب مثل الغرب أنتمّ متلاصقين يوم نشوّب حتى يصبحون متشابهين تقول توام، نحن العقال ما نجناه على رؤوسنا يوم نكبر!
المصدر : الاتحاد