بقلم : ناصر الظاهري
لم تقل الدراسات التي أجريت على شخصيات الشعوب إن العرب لديهم ذلك الميل العنفي الظاهر، فهم مثلهم مثل الشعوب التي عرفت الحضارات وألفت التواصل وممارسة التجارة بعد ما تحضروا وتمدنوا، وسكن أهل الشعر بيوت الطين والمدر، وبالتأكيد الواحد منهم لا يشبه راهباً بوذياً، ولا متنسكاً في صومعة، ولا هم من ذوي إن لطمك أحد على خدك الأيمن فأدر له الأيسر، غير أن حال العرب من حال كثير من الشعوب، تنتابهم صراعات النفس البشرية، ويمرون بظروف خارجة عن إرادتهم، وأفق حلمهم، لكن واقع حال العربي الْيَوْمَ يكذب مثل هذه الدراسات، فالعربي في الأعراس يغضب ويتشاجر مع نسيبه، والحريم ما يعجبهم العجب، و«الزعلة ببيزه»، يمكن علشان «صحن هريس» تنشب مشادة نسائية، وتتطور لتصل لأسرار البيوت، العربي في الجنازة يمكن أن يغضب ويتعارك مع المعزين، ويخرجهم من طور الحزن على المرحوم إلى سب سنسفيل أهله، في الختان يمكن أن يغضب العربي، ويعبر عن عنفه بطرق شتى، لا يسلم منها حتى المختن وشنطته القديمة، مع بداية العودة للمدارس تغضب الأسر العربية من محيطها لخليجها، وتعنّف كل شي يقع أمام ناظرها من تصريحات معالي وزير التربية والتعليم بمناسبة بدء العام الدراسي، وليس انتهاء بأقساط المدارس الخاصة، ولوم مدرس الرياضيات في فهم وإدراك ابنهم السمين للمعادلات الرياضية الحديثة، العرب يلعبون ورقة، والتي يفترض أنها للتسلية، فتنقلب لصراخ مع زميل اللعبة أولاً، لأنه ساه، ولا يعرف يلعب بحرفية، ثم مع الخصوم، ويخرج الكل غاضباً، فاز ناديهم فرحوا وشاجروا الآخرين، انهزم فريقهم نازعوا المدرب ولاموا الحكم، المخالفة المرورية يمكن أن تخرج العربي عن طوره، وعن أدب القيادة المرورية الملتزمة، العرب، ولا أدري ما يخصهم في «الباسك وإقليم كتالونيا»، إذا انهزم «برشلونة» غضبوا وحزنوا، فاز «الريال» زعلوا، فاتورة الكهرباء ظهرت هذا الشهر على العربي برقم لم يتوقعه نتيجة خطأ في الحاسوب الآلي، ولن يجري تصحيحه، لأنه ربما سبب خللاً في «السيستم»، والعرب ما يحبون أن يخترب «السيستم»، سيكيل جام غضبه على «واطسون» مخترع الكهرباء، وربما أصبح من أنصار البيئة الخضراء في رمشة عين، وحدها المرأة و«شوفتها» التي تسر الناظرين تجعل من العربي يميل للملاحة والظرف، وتتفكك أساريره، ويخضّر قلبه، لكنه أيضاً من أجلها قد يسيل دمه، ودماء أبناء القبيلة، لأن أحداً داس على طرف ثوبها، ولو كان المسكين أعمى!