ليتهم ما تركوا الخيل تمضي

ليتهم ما تركوا الخيل تمضي

ليتهم ما تركوا الخيل تمضي

 صوت الإمارات -

ليتهم ما تركوا الخيل تمضي

بقلم : ناصر الظاهري

ما أصعب ذلك الرحيل الذي يصطبغ بلون الرماد المحروق، وبسرعة خفقة جناح غراب، ضَل الخرابة التي ينعق فيها، فأتى بشؤمه مباغتاً، واستل من بيننا أفضلنا، ناثراً الحرقة في عيون الأصدقاء الذين كذّبوا ما سمعوا، وهالهم خبر النعي، فالرجل كان هنا بينهم، وكان يفكر معهم، ويحمل أوراق إبداعه، ويسأل عن هذا الذي سرقته الدنيا عنهم، وظل يحوم كطائر فقد ملاذه، وما عاد يُبين، ويعود ذاك الراقد على سرير الوجع في أرض الصير، ولا يود أن يعود، يخاتل ساعات النهار مرة مع صديقه «إبراهيم مبارك» متغلبين على ضجر ساعات التقاعد، فرحين بملكية الوقت، وفضاء المكان المطلق، ومرة يقضي تجواله الصباحي على إيقاع تفاصيل يعشقها، غير بعيد عن ساحل عجمان، وخيرات بحر الخليج، على مصطبات صيادين صلّوا فجرهم في البحر، وغبشوا برزقهم الحلال نحو المدن، ومرات يتبع ظله، وحده من يقوده لأماكن كأنها نحتت من أضلعه، ويعشقها مثل ماء عينيه، يجس أحوال أهله الأولين والباقين، روائح الأمس الجميل، ومن ظل عائشاً من رفاق عمه الشاعر «راشد الخضر»، وترانيمهم المبحوحة عن «خدَلجّ اللي خدّها كالسفرجل، وعن اللي إن بغت يَتّ بجماري»، تتداعى الأمكنة في رأسه، وتتخاطر عليه صور رجال قدّوا من صبر، ومن ضحكة لا تغيب، فيحمل آهته، ويحمّلها تجاويف الصدر، ويمضي موارباً دمع العين أن لا يسرق بهجة الصباح. هكذا كان «ناصر جبران» هنا.. وهنا.. قال صديق: قبل قليل حدثني، وقال آخر: تصورت معه «سلفي» قبل يومين حين صادف ولقيته، و«سناء» صديقة الجميع في اتحاد الكتّاب حادثها أمس عن مشروع ترجمة قصصه للفرنسية والبرتغالية، وأنها تنتظره كما ينتظره معرض الشارقة للكتاب مثل عادة كل عام، صديق آخر قال: ما زالت نكتته ترّن في أذني، وأن رقمه في هاتفي آخر المتصلين، ما أبشع ساعات الوداع التي بلا وداع، هكذا مضى «ناصر جبران» في غفلة من الجميع، مثلما كان يتساءل دائماً: «ماذا.. لو تَرَكُوا الخيل تمضي»؟

بالتأكيد كان لدى هذا الرجل النبيل والشريف أحلام معطرة باتجاه الوطن وناسه الطيبين، ولديه أقوال هي للأم وحدها، ولديه أعمال لم تنجز بعد، قبلات لأصدقاء وعد أن يطبعها على الخد، وأسفار شتوية مقبلة، وقراءات متراكمة، وأشياء تخص عشه وطيوره، وحديقة بيته وأعشابها غير المنجزة، فجأة قالوا لنا: «ناصر جبران السويدي» صلى صلاة الجمعة، وكأنها صلاة الوداع، وفارق الحياة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليتهم ما تركوا الخيل تمضي ليتهم ما تركوا الخيل تمضي



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates