بقلم _ ناصر الظاهري
من شرور وسائل التواصل الاجتماعي العربي وأشرارها ما يقوم به البعض بشكل فج، ولا يخلو من وقاحة، وإلا بماذا يمكن أن تنعتوا فعلاً مثل أن يضع شخص محزون إعلان وفاة أحد والديه، ليعرف أصدقاؤه وأقرباؤه ومعارفه في الداخل والخارج، فيرسلوا له تعليقات مواساة وعزاء وكلمات عن الصبر، وفجأة يظهر له ولأصدقائه من يدخل على ذلك الحساب معلناً عن ماركة حذاء رياضي أو مركز تجميل يطلب من الناس زيارته بخصوص أشياء نسائية لصيقة؟!
الرجل في حزن وغم وهم، وهؤلاء المعلنون يزكون خدمات مطعم للمندي والمظبي أو إعلان عن دكتور مختص بالشفط، وتسمين الأبقار المحلية لتصبح بحجم الأبقار الهولندية، وآخر يقول: بعد العزاء وصادق المواساة، نحن مركز تخصصي بالليزر والأشعة البنفسجية لإزالة مناطق الاحتكاك والسواد، لقد عُدم الحياء والخجل، وأصبحت الصفاقة ديدن هؤلاء الناس المتعاملين بلصوصية على حسابات الناس الإلكترونية، ومشاعرهم الإنسانية.
وهناك أناس أكثر من أولئك شراً، وأكثر ضرراً على الأفراد بسرقتهم، وإغوائهم بالاستهلاك الرقمي، وعلى المجتمعات بترويج أخبار وهمية تحدث البلبلة، وتحطم صورة المجتمع المتآلف، مثل الذي حدث في الخبر الوهمي عن عجمان، وقصة الكلب المسعور، وفيلم «الانتقام الهندي الصيني» بالألوان، وحين يفتح الناس الموقع، ليقرؤوا ذاك الخبر المدهش والغريب والمثير، تظهر لك شركة تريد أن تستثمر في عملة رقمية أو تطلب منك أن تزيد راتبك دون أن تبذل جهداً، مثل تلك الفتاة التي تربح كل شهر ثلاثين ألف درهم أو مثل الفنانة التي زاد دخلها عن عشرين ألف دولار في أقل من شهر، وما شابه ذلك من قصص الأفارقة الذين يستنسخون العملات أيام زمان، ويدرّونها بفعل الجان مرجان أو مثل أوكار جنوب شرق آسيا التي تبيع الوهم، وتربحك أموالاً هي وقبض الريح سواء، وقد حذرت من هؤلاء الجشعين أو الشركات المالية بائعة الأحلام، أكثر من مرة وخلال فترات غير متباعدة، لكنهم في كل مرة يجدون مدخلاً شيطانياً على الناس، ويعزفون على وتر الحاجة وقلة الحيلة وأحلام الوهم الوردية، حتى صاروا أقرب للأذى، وأقرب للمضرة، يفعلون كل ذلك بصفاقة وجه، وانعدام حياء، مثل هؤلاء يجب أن يُتعقبوا، ويجب أن يحاكموا بجرائم الضرر الإلكتروني، خاصة أن لكل حيلة إلكترونية حيالا إلكترونيا آخر، ولكل شيطان مرجان!