بقلم : ناصر الظاهري
- تحية خالصة للمخضرمين الصامدين في وجه «كورونا»، وتداعياته، فقد عاشوا شظف العيش وخشنه فصبروا، وعرفوا النعيم والرفاه فشكروا.
- المخضرمون جربوا القول: «اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم»، ذاك كان شعار الأولين الذين مشوا حفاة حتى حفيت أقدامهم، وجروا حبال الغوص حتى بررت أيديهم، ودقّوا «الطَعّام»، نوى التمر ليأكلوا أو يشربوا منه قهوتهم، كانوا يَحْبُون من الجوع والإملاق، لكنهم شبّوا رجالاً، الواحد منهم عن عشرة، وورثوه للاحقين من جيل الستينيات والسبعينيات من المخضرمين الذين ما زالوا يدكون القاع، بسبب أكلهم للسح، فقد كانوا لا يكتفون بلقمة أو لقمتين، بعضهم يلطم له «ربع يراب»، وبعضهم كان يغزز بالسح لين يحّمَرّ، لأن شعارهم في تلك الحقبة: «السح مسمار الركبة».
- المخضرمون شربوا من ذاك الغسول المحلط اللي فيه فناجين الدلة لين هلكوا، فحين تعجز الأم أو الجدة عن مناولة صبيها الذي يزغ «كلاس من اليحَلَة أو الحْبّ»، تتطاول مَلّة غسول الفناجين، وتغَرّه به، تقول يعَوّل هذاك الصغير، لقد شربوا من «الفلي»، ومن «لولوف»، وكانوا يقرضون الثلج أو يلحسون صلف «الفلج» المغطى باليونية المبللة.
- المخضرمون أكلوا الجراد الذي كان يأتي لأكل زرعهم، وشفطوا «بنزين» عشان يعبون «مواترهم الجيب أو البسطة أم هندل»، وكانوا يفزعون لـ «مواتر» ربعهم، واحد مغرز، وواحد معَبْرّ «بتروله»، وواحد يريد «معيوني» يساعده.
- المخضرمون، مستحيل ما تلقى صيم الواحد منهم مبشط أو مزَلّغ، ورأسه مفَلّع، و«الريل» ما تخلى من شوكة أو شرّيعة، هذا إذا سلمت من مسمار أو «غرشة» مكسورة، وكله يطيب بروحه، لا علاج غير «العايدين».
- المخضرمون، لحقت عليهم كل أمراض الدنيا، و«تشنتروا» تحت الغاف، هي إبرة واحدة ويعقمونها أو «يشنترونهم» بإبرة «الجولة» بعد ما يسخنونها لين تغذي حمراء شروى عين الديك.
- المخضرمون، ركضوا وراء «فوزة الماي»، وشربوا من «بيبها»، رغم أنه ماء غير صالح للشرب، ويوم تمر سيارة «الفليت» ركضوا وراءها، وتنشقوا دخانها، والأمور ماشية.
- المخضرمون، صرطوا «لبان وعلوج» لين وَنّت بطونهم، وتشاركوا مع الباقين في «غرشة بيبسي أو كند دراي صودا مثلجة»، كل واحد يغمة أو لحسة، و«كوطي العنص» يتناشعونه بأصابعهم.
- المخضرمون، سبوحهم بالعافية، وكحالهم بالضرابة، وحناءهم بطلاع الروح، وحسانتهم بشق الأنفس، لعبوا في التراب، وتمردغوا في الطين، وتعافدوا العرش والجدران، لعبوا بالطوّاق، ودربحوا «تواير»، وخاوشوا «نفتة الدِبْيّ»، ويوم يرد الواحد منهم البيت، تقول حفّار قبور، وينسلخ المغربانية لين تلوع كبده، لأنه ما «إييوز»، هو مثل الهريسة ما تطيب لين تنضرب بالمهراس أو بالمضراب، عقبها يَوْن ونتين، ويطيح مثل الذبيحة، وينام.