تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

في سنوات الدراسة الجامعية في أوائل الثمانينيات، استغللت إجازة الصيف، وقلت: لأذهب إلى اليمن وجيبوتي وإثيوبيا وتنزانيا ومنها إلى زنجبار، هكذا وحيداً من دون تخطيط، ومن دون رفيق، ولم تكن أيامها سهلة الاتصالات والمواصلات وخدمات الشبكة العنكبوتية، ومزايا الخدمات العامة كسفر اليوم، لكنني اعتبرتها تجربة جديرة بأن يقوم بها الإنسان مرة، فإن فاتت

فرصتها، فلن تعود ثانية، كان هدفي اكتشاف الإنسان هناك، ومعرفة مناطق وعادات تلك البلدان التي ما زالت بكراً وبريئة، يومها كنت جاداً أكثر من اللازم، وكان القلب بعافية الشباب، وحب المغامرة، وخفة الحركة، وروح الكشافة والجوالة الذين يختصرون رحلاتهم في حقيبة سفر واحدة.

في تلك الرحلة غير المخططة تعرفت على مدن كصنعاء وتعز والحديدة، ارتقيت إلى مرتفعات إب، دخلت بيوت اليمن وعرفتها من الداخل بطقوس الكرم والطيبة وتفاصيل اليوم الطويل، الاحتفاء غير العادي لشخص لا يعرفونه إلا من لغته، وما يحمله للناس من محبة وشغف بالمعرفة لتاريخ الإنسان والمكان، كانت ثمة دهشة تأخذك ولا تريد أن ترجع، مررت بشجرة

الغريب، وعرفت شجرة البن، وشجرة القات، زرت سوق الملح، وأسواق صعدة، مشطت الساحل حتى تخوم عدن، كانت رحلة تسير أيامها والساعات وفق الفرح الذي يقودني نحو فضاءات من التاريخ وغبرة الحضارات، وتلك الأصالة المتجسدة في كل شيء، لقد تركت اليمن، وفي نفسي شيء من اليمن.

كانت جيبوتي بأشيائها البدائية والبسيطة حد قريب العهد بالإنسان وخروجه من الكهف والغاب الأخضر، وكأنها فصلت عن حركة العالم أو رماها البحر لليابسة من غير وداع، كان كل مكان فيها يجبرك أن تقف عنده لتتذكر العفوية والفطرة، والبداءة حين كانت الأشياء قريبة من صلصال الطين والماء، وكان الإنسان لا يعرف غير الشكر لأرض تقله، وسماء تظله قبل أن تهجم عليه الأمور ومستحدثاتها، وتحول كل تفاصيله الرعوية للمعقد والمتعب، وتذهب بضحكته التي من القلب، لم توقفني الأشياء، وحده الإنسان كان حاضراً منذ الأزل، ومنذ شطر البحر تلك اليابسة.

كانت إثيوبيا بذلك الإرث التاريخي الثقيل، وعقود من تحولات الزمن، وإذا بكل شيء له جذر في الأرض، وأصالة يتناقلها الإنسان من جيل إلى جيل، طقوس القهوة الحبشية، ومتعة الأكلات الساخنة والحرّاقة، والملفوفة بورق أشجار الغاب، وطيبة الإنسان الذي ما زال يذكرك بلونه المصبوغ به منذ فجر الحضارة الأولى،

كانت الحبشة رحلة في التاريخ ومع التاريخ في كل شيء، والكل يقف ولو لحظة معك، للتحية وإما لتقديم خدمة أو استضافة تخجل كلماتك، حتى عازف البيانو في فندق هليتون أديس أبابا والذي يذكرك بذلك النوع الخاص من عازفي الجاز الأميركيين السود الذين تشعر وراء كل واحد منهم قصة عميقة عن الجذور والأجداد، ويريد أن يسردها على أحفاده، إن جاء الأحفاد قبل أن تضيع من ذاكرته، وغداً نكمل..

المصدر : الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates