تذكرة وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر

بقلم : ناصر الظاهري

كانت أول زيارة لجمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية عام 1990، حين كانت تتكون من ست دول: «سلوفينا، كرواتيا، وصربيا ومونتينغرو، البوسنة والهرسك، مقدونيا، وكوسوفو»، أسسها الزعيم التاريخي «تيتو» والتي كانت تزدان بتماثيله، ويمكنك أن تزورها كبلد موحد، وبعملة موحدة، وعلم واحد، وعاصمة تضمها جميعاً، هي «بلغراد»، غير أن حرباً أهلية كانت تلوح في الأفق بعد انهيار منظومة أوروبا الشرقية، واستقلال دوله الواحدة تلو الأخرى على أساس عرقي وقومي، وكأن التاريخ يعيد نفسه، فطوال تاريخ هذه القوميات كانت تتوحد أو تضم تحت لواء حكم المستعمر، ثم تنفصل، منذ أيام الرومان والعثمانيين، لقد حاول «تيتو» أن يجمعها بعيداً عن الهيمنة السوفيتية بعد الحرب العالمية الثانية، لكن بعد وفاته، وانهيار الاتحاد السوفييتي، استقلت الدول الست عن الكيان الاتحادي منذ عام 1991 بدءاً بسلوفينيا وكرواتيا ومقدونيا، تلتها البوسنة والهرسك عام 1992، ثم صربيا عام 2006، ومونتينغرو بانفصالها عن الصرب في العام نفسه وآخرها كوسوفو عام 2008، كانت سنوات دامية، وتطهيراً عرقياً ودينياً.

يوغوسلافيا كانت من البلدان الجميلة، والخضراء في مجملها بتضاريسها وأنهارها وقلاعها التاريخية ومساجدها وكنائسها، والنَّاس في مجملهم يتسمون بالطيبة والبساطة، ربما كان للنظام القديم دوره في محاولة صهر هذه المجموعات العرقية في بوتقة واحدة، لكن للتاريخ كلمته النهائية، ولتطلعات الشعوب رأي مختلف عن الإرادة السياسية، يومها جلت في تلك الجمهورية المختلفة الطبيعة، والعادات والثقافات والأديان، وحتى طبيعة المأكل والمشرب، ويتميزون بنسبة عالية من الجمال، ربما نتيجة التزاوج بين كل تلك الأعراق واختلاطها عبر أزمنة طويلة، والذين سيتقاتلون بعدها في حروب أهلية تصل لجرائم الحرب والإبادات الجماعية.
بعد عشرين عاماً من الزيارة الأولى، عدت لتلك الدول المستقلة والتي تحاول أن تنهض من رماد الحرب، فكانت ردة الفعل الأولى للزائر الجديد أن المدن اختلفت، وأن الحرب أثّرت في نفوس الناس، وانعكست على طبيعتهم، وغدوا يتوجسون من الغريب، لكن هناك تطورا يشق الأفق في المدن التي كانت مغيبة، وأن هالة المدن الكبيرة انحسرت لصالح مدن ناشئة وحديثة، عرفت لأول مرة طبيعة الاستهلاك، ومستحدثات الأمور، وقشور الحضارة الغربية الرأسمالية التي تحاول هدّ موروثات الحضارة القديمة والمحافظة.

اليوم حين تزور مونتينغرو أو الجبل الأسود، تظهر لك شخصيته المستقلة، ويظهر لك جمال الأشياء بطريقة مختلفة، لم تعهده في زمنها القديم، كذلك إن يممت صوب «سراييفو» ستدهش كيف صنعت منها الحرب، وكيف هي اليوم في ثوبها الجديد.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر تذكرة وحقيبة سفر



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates