الإنسان الأمانة والاختيار

الإنسان.. الأمانة والاختيار

الإنسان.. الأمانة والاختيار

 صوت الإمارات -

الإنسان الأمانة والاختيار

بقلم : ناصر الظاهري

ما أقلق الفلاسفة والحكماء والأدباء، منذ الأزل، تلك العلاقة التي بين الروح والجسد، ولأي مدى يمكن للجسد أن يحمل الروح، ويتحملها بثقلها ذي الأسرار المعرفية، وأفراحها الكبيرة والصغيرة، وعذاباتها المؤقتة والسرمدية؟ إلى أي حد يمكن للجسد أن ينوء بمعرفة أسئلتها الوجودية الكامنة فيها؟ ولعل ثمة علاقة، ورابطاً بين العقل والروح، فكلما كان العقل محاطاً بالمعرفة والنور، ارتقت الروح، ونشدت السمو الذي لا يأتي إلا مع الخلاص النهائي، حيث السكينة والطمأنينة والسبات الأبدي، تلك هي علاقة الروح والجسد.. وجدلية الفناء، ومن حمل الأمانة، وقبل بالاختيار، الروح أم الجسد؟

النساك والزهاد والعباد، وهي صفات لأفعال وأشخاص مرتبطة بالتطهر من رجس الجسد، يجاهدون لكي يسلموا الروح في وضعية يكون فيها الجسد خانعاً، خاضعاً، فيفنون وهم في وضعية أقرب للصلاة والاستسلام المقدس في نقطة بعيدة، كقمة جبل أو أعلى منطقة من الأرض إلى السماء، وفي الأديان المختلفة، كان الكثير يتمنى لحظة اللقاء السماوي على سجادة صلاة أو في وضعية يحبها الرب أو في مكان مقدس أو بقعة طاهرة! الفنانون والأدباء كانوا يتمنون تلك اللحظة وهم أقرب لساعة الوعي والوحي الإبداعي، قريبون ممن يحبون، بعيدون عما يكرهون، «تولوستوي» حين ضاق به الجسد، ولم يتحمل روحه الثورية ترك هكتارات الأرض المزروعة، وعتق فلاحيه، وودعهم، وهجر زوجته، وذهب بعيداً، ووحيداً ليسلم الروح، وهو متخلص من ثقل الحياة، وما يمكن أن يكبل الروح، تماماً مثل بوذا حين أراد لروحه التطهر، ذهب ليتعلم من الحياة، ويعلم الناس، خالد بن الوليد مضى جل حياته في ميدان المعارك، وكان يريد لنهايته أن تكون هناك، لكن روحه فاضت على سرير كان يكرهه طيلة حياته، والمسيح ضحى بالجسد من أجل صعود الروح، وخلاصه كان من أجل أتباعه، وتطهير نفوسهم من الآلام!
فكرة انتحار بعض المبدعين والمشاهير في التاريخ، رسائلهم الأخيرة تشير إلى أنهم كانوا يريدون خلاص الروح من عذاباتها، والأسئلة الكبيرة التي لم يعرفوا إجابتها.

الجوع والصوم، ونبذ مباهج الدنيا، كانت جزءاً من خلاص الروح وانعتاقها من رسن الجسد، كانت طريقة عند الكثيرين المشغولين بالتطهر النهائي والأبدي! النبي سليمان بن داوود أوتي ملكاً عظيماً، وسخرت له الريح والجن، وعلم منطق الطير، وألين له الحديد والقطر، وعاش أمداً، لكن حين أراد تسليم الروح دخل المحراب وصلى متكأً على عصاه، ولم يعرف جنوده من الإنس والجن بخبر موته إلا حين وجدوا منسأته - وهي العصا بلسان أهل الحبشة - قد أكلتها دابة الأرض، ولم يعلموا منذ كم مات، فوضعوا الأرضة على العصا، فباتت تأكل منها أياماً وليالي، ثم حسبوا على ذلك النحو، فوجدوه قد أسلم الروح، وفنى الجسد منذ عام!
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان الأمانة والاختيار الإنسان الأمانة والاختيار



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:15 2015 الأربعاء ,25 شباط / فبراير

تنحي برلماني بريطاني بارز بسبب فضيحة رشوة

GMT 08:26 2013 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

"قيامة" مجموعة روائية تتناول علاقة العلم بالإيمان

GMT 21:24 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سلافة معمار مثيرة في أحدث جلسة تصوير بعدسة بو منصور

GMT 14:49 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

6 نصائح من خبراء الديكور لغرف نوم مميزة لأطفالك التوأم

GMT 05:00 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

بان كيك بالشوكولاتة

GMT 23:03 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

الأهلي يواجه طلائع الجيش في دوري سوبر السلة

GMT 08:28 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بليزر مخطط لإطلالة نحيفة للمحجبات في موسم الشتاء

GMT 00:51 2016 السبت ,13 شباط / فبراير

Tiffany & Co تحمل هدايا يوم الحب لكِ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates