تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

كانت رحلات بسيطة مثل تلك الرحلة المدرسية إلى دبي في منتصف السبعينيات، لكنها مفرحة للقلب، ومدخلة السرور في النفس، كان في الحافلة ما يزيد على الثلاثين طالباً بعضهم صلعة رأسه تلمع، وقليل من تحسن «تواليت» عند الحلاق الباكستاني قليل البصر، وفرق شعره على جنب، جلهم كان يغطي الرأس بطاقية من طواقي العيد التي تظل تمّلَحّ على الرأس من الشمس، منتظرين قدوم عيد العود أو شفيّة من شفايا الحجاج العائدين، قليل.. هذاك من ذاك الذي كان يملك سفرة يعصب بها رأسه، وكناديرنا توزعت بين العربية أو العُمانية، ومعظمها دلعاء، وكنادير «قطرية أم أذنين» أو «كويتية أم ياقة».

كان أفضل ما عندنا ركوب السيارة، والفرحة بالطريق الطويل أكثر من الرحلة نفسها، لذا قل من رأيته غافي العين ما عدا أستاذ الرياضة الذي أصابه دوار السير الطويل، ودهم ورقد حتى غدا جفناه أثقل من حامل الرصاص، وبالكاد كان قادراً على أن يرفعهما حد الحواجب، وحين يصحو على غنائنا النشاز، يحاول أن يشعرنا بأنه كان يتأمل فقط، ويظهر امتعاضه من الغناء الذي كان لا يفهمه: «إيه الهباب دا.. إيه الجهل دا، هو في بني آدم بيسوق الصاروخ، علشان يوديك لحبيب الروح.. دا حيوديكم في داهية إن شاء الله»، هنا وجد الأستاذ محمود فرصته، منها ليثني على طريقة تدريسه، ومنها لتعود له فرحته باستعمال الميكروفون الكشفي: «شايف يا أستاذ نحن نعلم ونربي، نتعب ونشقى، وفِي الآخر بيجي مطرب جاهل هامل وبيسمعوا له أكثر ما يسمعوا شرحي على اللوح.. بس شو بدك تحكي، ما هم ألواح خلقه».
وصلنا دبي التي كانت بصراحة غير شيء، تقدمنا الأستاذ محمود، وخلفنا الأستاذ مصطفى الذي كاد يتوه أول ما وصلنا، وسمى دبي حينها بالبندر، ركبنا العبرة لأول مرة، وجلنا في سوق دبي المشهور، وبعضنا تذوق أكلاً غير الذي كانت تعجنه أمه وأخته الكبرى، أما «الجنغل» الذين أتوا من أطراف البوادي، كما كنّا نعيّرهم، ونزيد عليه بأنهم «هرش ما يعرفون التين من العرش»، وهم يضحكون ويردونها بلفظة الحضري الذي لا يعرف وين يرسغها، ويختلط عليه حنينها ورّغاها، فقد عفدوا على الدجاج الذي يدور على أسياخ في مطعم «على كيفك»، وتقول أحد خلى عظماً في تلك الدجاجة التي كانت قبل قليل تتقلى على نار هادئة، وأكلوا معها مرضام خبز.

كانت رحلة جميلة، ولا أظن أن أحداً من أولئك الطلبة قد نسيها، فقد كانت الضحكة تخرج من قفص الصدر دون استجداء، وقليل من الفرح يجعل مقلة العين تتلألأ بدمع بارد، كنّا بسطاء، وأقل القليل يدهشنا، ولَم نعرف يومها شيئاً من التعالي، ولا ما هو التفاضل والتمايز، كنّا نتراكض في الحارات داخلين من بيت لبيت، كنّا أهليّة وأكثر.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates