بقلم : ناصر الظاهري
ثمة أمور، وزوايا في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، تجبرك أن تتوقف، وتقول لك: لا تمض سراعاً، ما ضرك لو خففت الوطء، وتريثت قليلاً، وأخذت معك وأنت غاد شيئاً مما في هذا المكان أو تذكرتنا ولو يسيراً، فهنا شيء قد يسرّب فرحاً للقلب، ويوشي للنفس بالسعادة، ويودع صدرك نوعاً من الطمأنينة، قف بالله عليك.. تمهل:
- في زاوية مشرفة على أروقة المعرض، يقف فنان إماراتي جميل، يخجل الخجل، طالما تشابكت الحروفية بالألوان عنده، وطالما تذكر أشياء غائبة أو منسية، يتعب ليجعل للحرف العربي تلامذة ومريدين، في تلك الزاوية للفنان محمد مندّي، أعمال واعدة لأربع فنانات إماراتيات في فن الخط العربي: بياتة الرميثي، عائشة الرمسي، وفاء عمر، فاطمة المرزوقي، وعمل رائع بريشة وقصبة الفنان محمد مندي، وهي لوحة شهداء الوطن بألوان علم الإمارات، والمعطّرة أحبارها بروائح الجنة المختلفة من مسك وكافور وزعفران وماء ورد، وتناثرت حول تلك اللوحة الجمالية أسماء كل شهداء الوطن، كأيقونات من نور.
- «الملتقى» برعاية «أسماء صديق» وأخواتها، وبالتعاون مع منظمة اليونيسكو، حيث أصبح لهذا المكان المتجدد كل عام، شكل ومظهر، وتنوع وقيمة ثقافية، ففي كل عام يفاجئ حضور معرض الكتاب بأمر جميل، ومدهش، ومختلف.. عدا تلك الحميمية العائلية، وتلك الرحابة التي تلقي بدفئها على القادم للملتقى.
- «بحر الثقافة» برعاية كريمة من الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان، والذي يلعب منفرداً على أمور جميلة، وأخرى متميزة، في الساحة الثقافية، بذائقة عالية، وأرستقراطية متناهية، تذكرك بصالونات باريس، ولندن في عز زهوهما الفني، «بحر الثقافة» يثري المعرض سنوياً بحضوره، وبمشاركيه، حتى غدا علامة متربعة في أقصى أركان معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
- «الصندوق الأسود» والذي يشرف عليه الفنان نواف الجناحي، والذي ينتقي للمعرض ولرواده أفلاماً قصيرة، ورائعة، مصاحباً هذه التظاهرة الثقافية والفنية، جاعلاً من السينما وصندوقها الأسود المدهش متعة أخرى للثقافة حين تأخذها مداها الأعمق والأبعد.
- مؤسسة «نبطي للنشر» برعاية ودعم شخصي من محمد عبدالله نور الدين، حيث يختار للأطفال والناشئة الكتب، ويتبنى مواهب الصغار، وينشر لهم، وكان ثمرة التعاون مع «مطبعة الأمل» التابعة لوزارة الداخلية بإصدار كتاب للأطفال المكفوفين، بحيث يمكنهم التعرف إلى الشخصيات الكرتونية بطريقة تشبه طريقة «بريل» الناطقة، هنا حين يمكن للفرد أن يخلق الفرق، ويمكنه حتى أن يتفوق على المؤسسة، لا منتظراً حمداً، ولا شكوراً، المهم أنه ماض في مشروعه الثقافي الوطني.
- في ردهات المعرض وأروقته، هناك أكثر من مكان يلزمك التوقف، وأن لا تمضي عجلا.