زرقة العتمة

زرقة العتمة

زرقة العتمة

 صوت الإمارات -

زرقة العتمة

بقلم : ناصر الظاهري

دائماً هناك كما تقول العرب: «بصيص أمل أو بارقة أمل أو شعاع أمل»، وكما كان يقول الزعيم الفلسطيني الراحل «ياسر عرفات»: «دائماً هناك نور في آخر النفق»، حتى كثرت أنفاق الفلسطينيين، ولا ثمة بارق من نور في آخر الأنفاق المحفورة أو المدمومة، ونحن في ظل سحابة الاكتئاب التي تحيط بالعربي من كل مكان، لا ماضي يمكن أن يعود، ولا مستقبل يلوح في الأفق، وأينما يضربوا في الأرض يجدوها عوجاء، تبرأ من تلك الغمامة التي بلون الرماد، أشياء قد تكون صغيرة، لكنها تحرك المياه، وتنير سماء مدلهمة، مثلما أبكتني دون أن أشعر تلك الفتاة التي لم تتعد التاسعة من عمرها أو العاشرة، والتي استضافتها قناة لبنانية، واحتار المذيع الذي يتكلم بـ «اللهجا اللبنانية»، ولا تعتقدوا أنني كتبتها خطأ، بل هي إحدى الدعوات الشعوبية التي كانت تطالب بأن تكون اللهجة اللبنانية لغة، وقد عثرت على قاموس في بيروت مرة عنوانه «اللغا اللبنانية»، أقول لقد أسالت دمعة حقيقية، وكأنها ابنتي حينما كان يسألها المذيع من القاموس المفتوح أمامه عن كلمات هي غائرة في الفصحى، وتجيب عليها، وبمترادفاتها وشروحها، وهذا لا يتأتى من حفظ، بل عن فهم، وكأني بها قد حفظت قاموس العربية، فلم تفتها شاردة ولا واردة وسط دهشة المذيع الذي كان يرتبك حين يقرأ معاني الكلمات بالعربية الفصحى، ويصيبه البكم للحظات حينما مررت من أسماء الأسد في العربية، فبدا المذيع وكأنه لا يفرق بين «اللغة واللغا»، حاولت أن أحبس تلك الدمعة، فأبت إلا أن تخرج، وتكاد من فرحتها وهي تخرّ باردة، أن تتوج هذه البنت فخر الرجال وفخر العرب.

لقد جاء زمن على العرب يقال عنهم فيه إنهم مصدر كل شر وبلاء، وأس الخراب، كما في تلك العبارة: «لو عُرّبت لخرّبت»، وتنسب للمؤرخ ابن خلدون، لكنه وقت الرماد وغشاوة العين، ويمكن للعرب أن يقشعوا تلك الغمامة، فهم والخيل معقود في نواصيهم الخير، ولا تضرهم الكبوة، ولا تضر سيوفهم النبوة، فحين نراهن على الأطفال ونمدهم بالمعرفة، ونزودهم بالثقة، لا شك سيقيلوننا من عثراتنا، ومن تخرصاتنا ومما كبّلنا به أنفسنا من نصوص، ومن حرمات، ومن خوف يعترينا ليل نهار من كل الأشياء.

لا أدري لم يشدني الأطفال النوابغ، ولا أتمالك نفسي، فأعود طفلاً، يمكن أن يبكيه الفرح، ويشهق بالنجاح، لقد مرت عليّ نماذج عربية جميلة على مستوى التفوق العلمي والأدبي والفني، مشكلة العرب أن المواهب يضيعونها، ويمكن أن يحتضنوها لسنوات الدراسة الأولى ثم تضيق بهم أرضهم ووتيرة أعمالهم وعدم إخلاص البعض، لتهرب المواهب العربية لشطآن أخرى، تجد من يقدرها، وتجد من يدعمها ليظهر نبوغها العالمي!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زرقة العتمة زرقة العتمة



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates