بيوت المدر والطين

بيوت المدر والطين

بيوت المدر والطين

 صوت الإمارات -

بيوت المدر والطين

بقلم : ناصر الظاهري

 - لماذا الطين وحده من بين البيوت التي نشعر بدفء شتائها، وبارد صيفها؟ لماذا هي الوحيدة التي تنادينا من بعيد، إن سهت ذاكرة أو باعدت السنون؟ لم نتذكرها، ونتذكر شجرة اللوز التي كانت تظلل مدخل البيت؟ نتذكرها ونتذكر شجرة التين القديمة، تلك التي تشبه العمة في البيت، نتذكر شقوق الجدران، و«نفتة الدبيّ»، ومشاغبات طفولة، وإشعال حريق في «الخبوق»، وتورم خدود الصغار من اللدغ، نتذكر رسائل وقصاصات ورق نطمسها بين لبنتين، هي لبنت الجار التي لا تفك حرفين، كيف كان المطر يفعل ببيوت الطين، كيف يجعلها بذاك اللون الريّان المستكين.. آه ما أحلى بيوت الطين!

***
- مرة.. في أول الستين

كنا لا نعرف بلداً قاب قوسين أو أبعد من العين

لا نعرف بحراً، ولا سفراً، ولا ركوب السفين

جاءنا من الساحل البعيد رجل مسكين

قال لنا: إن لديهم زرعاً ونخلاً وعنباً وطلع وتين

وإنهم هناك يعرفون البحر، ويعشقون السفر، ويركبون السفين

لكنه هنا.. هارباً بكفنه، ساعياً لرزقه، آتياً كالزبين

قلنا له: إننا هنا أهل، أبوابنا مشرّعة، وقلوبنا بيضاء، واللقمة نقسمها على اثنين

اشتغل بتحدير النخل، وصنع السعف، وجلب الماء، وبناء بيوت الطين

ثم باع واشترى، سافر ورجع، واعتزل ببيت جديد، أمين

اتخذ غرفاً فوقها غرف، وصادق نصارى الجيش، وما عاد ذاك المسكين

كانت جيوبه عامرة، ودكاكينه فيها أوراق وأحمال وأرزاق

كان يبيع القهوة والسكر والرز وأكياس الطحين

ومرة.. في الليل، والوجوه أشباح زرقاء، عاجله نصل سكين

مات «المسكين» بين النخل وبيوت الطين

***

- لم كانت تلك البيوت على بساطة بنائها تختزن الدفء والعافية ورائحة الناس، واليوم صارت جدران بيوتنا ملساء، بلا فرح حاضر، وإن غاب عنها صوت الأب، وتبعته الأم حاملة عطرها وطيبها، أصبحت تضيق علينا أو غدت كغرف الفنادق التي سنغادرها قريباً لا محالة، ونّ شاعر يوماً وقال:

«يطري عليّه الوقت لي سار

وأذكر فريجن حوله بيوت

برد الشتاء وزخّ أمطار

ومتدفين بلبس البشوت

شُوفْ الدلال وضَوّ وكّوار

وشيبه رضف بشالن وكوت

غوري زعتر حُوله النار

عن البرودة دوم منعوت

حُوله يمع إكبار وصغار

يتسمعون القول وسكوت

يحكي لهم يوم كان بحّار

ويوم بندروا من صوب غنتوت

واليوم هذا الوقت لي دار

وقت «الرسيفر» وقت «ريموت»

وش بَعْدّ يارن عن اليار

لأول عليه يرد بالصوت

يزقر عليه من صوب ليدار

يا ما حلاها ذيك لبيوت»

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيوت المدر والطين بيوت المدر والطين



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:15 2015 الأربعاء ,25 شباط / فبراير

تنحي برلماني بريطاني بارز بسبب فضيحة رشوة

GMT 08:26 2013 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

"قيامة" مجموعة روائية تتناول علاقة العلم بالإيمان

GMT 21:24 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سلافة معمار مثيرة في أحدث جلسة تصوير بعدسة بو منصور

GMT 14:49 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

6 نصائح من خبراء الديكور لغرف نوم مميزة لأطفالك التوأم

GMT 05:00 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

بان كيك بالشوكولاتة

GMT 23:03 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

الأهلي يواجه طلائع الجيش في دوري سوبر السلة

GMT 08:28 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بليزر مخطط لإطلالة نحيفة للمحجبات في موسم الشتاء

GMT 00:51 2016 السبت ,13 شباط / فبراير

Tiffany & Co تحمل هدايا يوم الحب لكِ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates