بقلم : ناصر الظاهري
كل شيء يمكن أن تجد له مبرراً في الحياة، وتلتمس فيه للناس عذراً، عدا مقابلة الإحسان بالإساءة، وعمل الخير، بعمل السوء، وملاقاة عمل المعروف، كما لاقى مجير «أم عامر»، ما أشد الشبه بين هؤلاء المنكرين، الجاحدين، والضامرين الشر لقاء عمل الخير، بالضباع وأفعالها، كما فعلت الضبعة «أم عامر» بمجيرها البدوي الكريم!
لم تنتقل جثة رجل عظيم، مثلما تنقل رفات الشاعر التشيلي «بابلو نيرودا»، الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1971م، حيث تم دفنها للمرة الرابعة في تشيلي، بعد مرور ثلاث سنوات على استخراج رفاتها لمعرفة سبب وفاته؛ لأن الشكوك كانت تدور بشأن اشتباه في تسممه، حينما توفي بعد 12 يوماً من انقلاب «بينوشيه» على صديق «نيرودا»، الرئيس «سلفادور أليندي» عام 1973م، لكن التجارب التي أجريت على عينات من الأنسجة في مختبرات تشيلي وأميركا وإسبانيا لم تظهر أي دليل على السٌمّية، وبقيت بعض الفحوص المتعلقة بالحمض النووي الوراثي، لم تكتمل بعد، الشاعر «نيرودا»، الشيوعي، الذي توفي نتيجة الإصابة بسرطان «البروستات»، اختفى ملفه الطبي، ولم يعثر عليه، دفن في البداية في العاصمة «سانتياغو دي شيلي»، إلا أن جثمانه نقل بعد ذلك إلى قبر آخر، وفي عام 1992م، نقل رفاته ثانية إلى جزيرة «نيجرا»، وأخيراً استقر في حديقة منزله الساحلي الذي تحوّل لمتحف، مع زوجته الأخيرة «ماتيلد أوروتيا»!
اليوم.. الأول من مايو، عيد العمال العالمي، بناة الحضارات، وأيقوناتها الخالدة عبر العصور، عرق المدن، وأساسها ومدامكها، إن الاحتفالية بعيدهم، رغم أنها فكرة شيوعية، حينما أورد «البيان الشيوعي» الذي كتبه «كارل ماركس، وفريدريك أنجلز» عام 1848م، في الفصل الرابع منه عبارة: «يا بروليتاريي كل بلاد العالم اتحدوا»، وعُرّبت: «يا عمال العالم اتحدوا»، وقد حفرت على قبر «كارل ماركس»، وكتب في شعار الاتحاد السوفييتي بست عشرة لغة، إلا أن أصل العيد هي أستراليا التي احتفت به في 21 أبريل 1856م، ثم تبعتها أميركا وكندا بعد حركة «الثماني ساعات»، ففي الأول من مايو 1886م، نظم العمال في «شيكاغو» إضراباً شارك فيه قرابة 400 ألف عامل، رافعين شعار: «ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع»، في عام 1904م، دعا مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام جميع المنظمات والنقابات العمالية العالمية، لاعتبار الأول من مايو، عيداً للعمال، وفي عام 1955م، باركت الكنيسة الكاثوليكية هذا العيد، واعتبرت القديس «يوسف البارّ» أو «يوسف النجار»، شفيعاً للعمال والحرفيين.