تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

ليس مثل الأسفار معلماً وهادياً ومرشداً، مثلما هي الحياة الجامعة، اللامّة، التي تزودك بالعبرة والحكمة إن كنت ذا سؤال وبصيرة، وتمنحك الدروس المجانية إن كنت تعارك أيامها، وتخلق لك الظروف لتصادف فيها شخصيات كثيرة، وعديدة، طيبّة، خيرّة، شريرة، مراوغة، متسامحة، متجهمة، ضاحكة، ثقيلة دم، دمثة، جافة، كريمة، بخيلة، مقترة، كريمة، سمحة الملقى، ذات طاقة إيجابية، مكفهرّة رمادية، تحمل للروح تأثيراً سلبياً سميكاً كالزئبق، كثيرون هم، منهم يمرون من دون وهج أو حتى ظل يتبعهم، بعضهم لا يحمل رائحة ولا طعماً ولا لوناً، بعضهم الآخر يظل راسخاً في الذهن، قد تحمله في داخلك لأيام تتفكر فيه، ومنه، وقد يبقى يتراءى لك إلى أن تغيبه الأحداث والأشياء المستجدة، لكنه بين الحين والحين يزور ذاكرتك، فيلقاك إما مبتسماً أو متفكراً، ومثلما تغيبه الأيام والأحداث، تذكرّك به الأيام والأحداث أيضاً، لن نتحدث عن الشخصيات السويّة، لأنها كثيرة في الحياة، ويختلف تأثيرها على الآخرين، باختلاف الزمان والمكان، وهي أيضاً معرضّة ربما في يوم من الأيام، أن تخرج عن سوّيتها، بسبب الحياة وظروفها وجنونها أحياناً، وتنضم إلى ركب الشخصيات المركّبة أو شبه المعقدة التي هي سمة لشخصيات الوقت المعاصر، لكن هناك فرقاً بين شخصية معقدة ورهابية، وأخرى مريضة، إما بسبب مرض اجتماعي أو نفسي أو خلقي، والتي تعتبر من أكثر الشخصيات المؤثرة في النفس البشرية، لذلك اهتم بها الأدباء والكتّاب على مر العصور، وأرّخوا لها ولتصرفاتها، لآلامها وأوجاعها الإنسانية، وبعض من هؤلاء الكتّاب من تقمص حالات أبطاله، وذهب في الحياة الحقيقية بوجعهم وتعبهم.

وفي إحدى المرات، وحينما كنت مغرماً بالسفر من دون رفيق، والانضمام مباشرة في أي بلد لمجموعات سياحية مختلفة، والتي هي في حد ذاتها سفر لوحده، لما تشاهده من فئات وشخصيات متباينة وغريبة ومدهشة، وثقافات متعددة، ومعتقدات تحظك على تلك الأسئلة الوجودية الملحّة، صادف وكان معنا في رحلتنا الجماعية الطويلة لربوع أوروبا وأريافها الجميلة بالحافلة، شخصية مهتزة، مرتجة في داخلها وخارجها، استطاع أن يلفت انتباه الجميع، وحاول الكل أن يتصرف معه بحب وحذر وتيقظ، وبقليل من الخوف أحياناً، يصعد إلى الحافلة فيسلّم على ركابها جميعاً، رغم أنه قد تناول الفطور مع بعضهم، يكون ركاب الحافلة بعد فطورهم «الأوروبي» الكامل الدسم، والمحتوي على كل العناصر الضرورية لذلك النهار الطويل، ولبخلهم السياحي المحسوب، ومع هز الحافلة المريح، والهواء البارد الآتي من بين أشجار الصنوبر التي على الطريق، مع رائحة ورق الغاب الأخضر يغفو بعض الكبار والعجائز المسافرات، يتركهم لدقائق، وفجأة يصرخ في وجه السيدة المهذبة التي معه، والتي لا يستاهلها حقيقة، فيفزّ النّوم الهاجعين، وترى إغلاقة عيون العجائز المتثاقلة، والرقاد الذي يغشى الجفون، وتجره الأهداب بكسل.. وغداً نكم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates