ناصر الظاهري
لا شيء مثل سوء الفهم والجهل بالحقائق يعيب الإنسان، والمؤسسة، وليس مثل خلط الأمور أمر يشين الإعلام ووسائله، وليس مثل الغرب والأميركان يتمادون في أغلاطهم تجاه الآخر، ويريدون أن يحاكموهم وفق أخلاقهم، ومنظور تفكيرهم، وكأن الطرف الآخر دون خصوصية تميزه، وثقافة مغايرة ينتهجها، والمتتبع للإعلام الغربي، تدهشه المصداقية في بعضها، والشفافية في طرحها، فلا تملك إلا أن ترفع لها «القبعة»، وبعضها، ورغم حرفيتها المهنية، ورغم طول باعها في المجال الصحفي، تجدها تبث سمومها، وجهلها وسط أخبارها، وأحياناً تتقصد الإساءة، ومرات تنتهز فرصة حضور مسؤول في بلدها، لكي تنال منه، وتسلط عليه ودولته الأضواء الكاذبة من أجل الابتزاز أو تشويه السمعة أو إرضاء طرف آخر من مصلحته الضرر والشرور، وهذا عادة ما تفعله بعض الصحف البريطانية، وأنا هنا لا أتكلم عن الصحف الصفراء، ذات الصبغة الفضائحية، وإنما أتحدث عن صحف لها وزنها، وصيتها، فما نشرته صحيفة «الاندبندنت» بالأمس في مقال افتتاحي تحت عنوان «ظلم الخليج»، تطالب فيه الحكومة البريطانية إعادة النظر بخصوص علاقاتها مع الإمارات، نظراً لما يحفل به سجلها في مجال حقوق الإنسان، وحرية التعبير من تعديات، ومن تضييق، وممارسات خاطئة، وتطرقت للحكم الصادر ضد البريطاني «ديفيد هاي»، (38 عاما)، والذي حكم عليه في الإمارات بالسجن عامين، قضى منها 18 شهراً، بتهمة خيانة الأمانة، ولم تكلف «الاندبندنت» نفسها أو أحد محرريها في معرفة ومتابعة قضية المذكور وحيثياتها، واكتفت بالتساؤل، ذي السخرية السوداء:«لا نعرف إذا كان «هاي» مذنباً، ولكن سجل القضاء الإماراتي لا يبعث على الارتياح»!
ثم تبدأ في خلط الأمور، وتشابك المواضيع التي ليست لها صلة، بغية التأثير على القارئ البريطاني، واستقطاب فئات المجتمع بمختلف شرائحه، وأثنياته، وميوله، وأهوائه، لتكوين رأي عام باتجاه قضية فاشلة، فتدمج الصحيفة القضايا المختلفة في بعضها بعضاً، ذاكرة: «إن دول الخليج استثمرت كثيراً في شراء أندية كرة القدم، والفنادق، والمطاعم المشهورة، المتاجر الكبيرة، ولكن سجلها في حقوق الإنسان، يبعث على القلق»!