ناصر الظاهري
يجب ألا نربط الأشياء ببعضها دوماً، فالنتائج لها ليست بالضرورة صحيحة، ودقيقة، كأن يعتقد أهل الإمارات أن وزيرة السعادة عندهم، دون شك هي أسعد واحدة في الإمارات، مثل ما كان يعتقد أصحابنا، وأنا واحد منهم، أن مدير البنك الدولي، هو أغنى واحد في العالم، حتى زار تركيا مرة، وكان من ضمن زياراته لذلك البلد الغني بالتاريخ والسياحة، زيارة أحد مساجدها العظمى، فخلع مدير البنك الدولي، حذاءه، إجلالاً للأماكن المقدسة، فبانت حينئذ إحدى جواربه مشقوقة، وإبهامه خارج منها، وهي مسألة لا تليق به، ولا بمنصبه، ومثال آخر عن عدم ربط الأشياء ببعضها، وزير المالية الألماني، وحين تقول مالية، وألماني، لا بد أن تستبشر خيراً، فهناك الغنى والسيارات الفارهة والقوة، واليورو عندهم مثل «الجرخية»، فكيف بوزير مالية ألمانيا الذي يسرح الشغل على دراجة هوائية، رادفاً شنطته الجلدية، متقنة الصنع خلفه، وبلده ينتج 18 مليون سيارة «مرسيدس» في العام، هذا غير الماركات الرفيعة التي تعرفونها، لكنها القناعة التي هي أساس السعادة، وحب العمل من أجلها.
نتمنى لوزيرتنا السعادة من القلب، مثلما نتمنى، ونأمل أن تدخل السعادة على قلب كل إماراتي، وعلينا أن نساعدها لنسعد حالنا، ونضع لها خارطة طريق في سعيها، وتقديم عملها، خاصة أنها وزارة جديدة، وغير مألوفة، وتعد ريادية على المستوى العالمي، كنت في ذلك الزمان أسمع عن «وزير لوقت الفراغ» في فرنسا، وأضحك من خاطري، كأي عربي قادم من الشرق «المبتلى»، لقد سألت خمسة من الزملاء العاملين في وسائل الإعلام المختلفة عن «وزارة السعادة» وماذا يعرفون عنها؟ وما هو دورها؟ وكيف سيتواصل معها الناس؟ وهل سيكون لها مقر في أبوظبي العاصمة، ومكاتب في سائر الإمارات؟ هل قمتم بالاتصال، والتواصل مع المسؤولين المعنيين فيها، لتطلعوا على برنامجهم، وخططهم للعمل؟ فصمت الزملاء الإعلاميون الخمسة، واحتاروا في الرد، ولم أقف إلا على تلك الجمل الاستفتاحية التي عادة يبدأ بها المثقفون حديثهم غير المفهوم أو حين يريدون أن يقحموا رؤوسهم في موضوع اقتصادي تخصصي: «هو بطبيعة الحال، لقد حاولنا مراراً، وتكراراً أن نستشف أو نسبر عن ماهية ومكون دورها...» ومن هذا الكلام، فكان ردي، لمَ لا تسألون إذا عنها، وتتواصلوا معها؟ لتعرفوا الناس بها وبدورها، وهذا جزء من عملكم، وواجبكم الأول، أم تريدون الناس أن يبحثوا عنها في مراجع أجنبية، فإن كانت نتيجة الإعلاميين، وهم من الصفوة في المجتمع، خمسة - صفر، فالنتيجة عند عامة الناس، قد تكون ظلمة تامة، فبصروهم بسعادتهم!