للوداع نهايات تليق به

للوداع.. نهايات تليق به!

للوداع.. نهايات تليق به!

 صوت الإمارات -

للوداع نهايات تليق به

ناصر الظاهري

إذا كانت بدايات الحياة لا يمكن للإنسان أن يختارها أو يشارك في صنع تفاصيلها، فالأجدر بالنهايات أن يترك بصمته عليها، ولا يترك الأمور تلعب به، وبمصائر أيامه الأخيرة من الحياة، كثير من الفلاسفة والأدباء يطرحون هذا الرأي، وكثير من العظماء يصرون على اختيار النهاية التي تليق بهم، وبتاريخهم، وأسمائهم، خاصة إذا ما عاكستهم الحياة أو فرضت عليهم أموراً جساماً ما عادت أعمارهم تتحمل وزرها وثقلها، أو اختاروا موقفاً ينحاز للكبرياء، من دون الخنوع.

البحّار الشجاع هو ذاك الذي أصر على ارتداء معطفه البحري، وجلس في مقصورة القيادة بكامل أناقته حين وجد نفسه، وظروف غرق سفينته، ففضل ألا يستسلم للريح لتأخذه مع الحطام، وقرر أن يموت ميتة تليق بالقبطان هناك حيث الزرقة، وبرودة مياه المحيط، وسفينته الطابعة في القيعان، كثيرون من الطيارين كان يمكنهم قبل ساعات النهاية الاختيار بين أكثر من نهاية، لكن معظمهم يفضل أن يضحي بالنفس مقابل حيوات أناس آخرين كثر، فيجنب طائرته الاصطدام بمساكن مأهولة أو طرقاً عامة تغشاها الحشود، الهزيمة في ثقافة الياباني تعني العار الأبدي، وأن لا أقدام قوية يمكن أن تصلب الجثة المهزومة، لذا كثير من قادتهم فضل العودة على نعش يحمله جنده مبقوراً، لا مقبوراً مع هزيمته، ليروا الناس دموع الانكسار في عينيه، لأنه سيجلب لهم الهزيمة لداخل نفوسهم، الشاعر «بوشكين» فضّل أن يختار لحظات قليلة في الحياة مع عزة نفس وكرامة تجعل من أنفه عالياً دائماً أمام ذاته، ولا يقبل بالمهانة وبإذلال من الآخر، ولو أعطاه مزيداً من الوقت في الحياة، حسمها «بوشكين»، وحمل سيفه لمبارزة غير متكافئة، ساخراً من الحياة مع الذل.

ليت ذلك العسكري على الدوام لو تذكر بزته العسكرية بنياشينها، وارتداها قبل النهاية، رافعاً للناس يده بتحية عسكرية، قائلاً: يحيا الوطن، مثلما تمنيت ألا أرى في حياتي قائداً هارباً للخارج يسبق نساءه كزعيم العصابات المراهق، وما أشدها من نهاية على الإنسان الذي لا يحمل في قلبه قضية وطنية أو من أجل شرف للنفس عظيم، وحدهم من يحملون رتبة جبان أو هم من عشّاق النفس، ومحبي الاستعراضات، ومجانين العظمة لا يقدرون أن يختاروا نهايتهم أو يعجلون بها، ويظلون يمثلون أدوارهم بثيابهم القديمة، والنهاية الرمادية قد تأتي بها رصاصة أو أوجاع متأخرة، جاعلين التاريخ يندم على اختيارهم يوماً ما!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للوداع نهايات تليق به للوداع نهايات تليق به



GMT 04:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 04:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 04:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 04:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates