ناصر الظاهري
وطني.. ماءُ عيني..
إذا ما جُنّ الليلُ، جَنّ عشاقُك الموسومون بحبك يا وطني،
وإذا ما شقشق فجرٌ.. شقت أجنحتُهم المسافات
مجدفةً نحوك.. مرتحلةً إليك.. وفيك
وإذا ما جَمّ خطبٌ.. حاطك الجفنُ والهُدبُ
افتدتك أرواحٌ نُجبُ.
نحن عشاقك يا وطني.. نخيلٌ تسقى من صافي أفلاجِك
نحن عشاقك يا وطني.. أشجارُ لوزٍ تثمر في سبخات أجاجك
أنت البحرُ.. أشرعةُ الريح.. نهمةُ الغواصين المتعبين..
أسفارُ الجدودِ.
أنت ذهبُ الرمال.. جودُ السحبِ.. نبتُ الزرعِ..
وحدو شدائدِ الإبل.
أنت الطقوس كلها.. كل التراتيل.. أحازي جداتنا المسائية.
وصايا الرجال حول العنق، وعن الأرض.
وإن حزّت نحن الوقيد، وقيد الأرض، وعن العرض.
نحن عشاقك يا وطني..
لا يرتضينا أن نقاعد بحاراً.. ولا خيّال القبيلة
لا يرتضينا أن نشاور على طالع النخل.. وناحت الصخر والجبل
ونعدم الفضيلة.
نحن السيوف لا نَبَتْ.. همهمات الخيل لا كَبَتْ
حُمر العيون إن طالت، وشمّخَتْ.
نحن عشاقك يا وطني..
لا يرتضينا أن نسكّن روائحَ الطيبِ والبخورِ من أمهاتنِا دورَ العجائزِ
لا يرتضينا.. تقلبَ الزمنِ.. تغلب المحنِ..
دفنَ طيبِ الأفعال.
نحن عشاقك يا وطني..
أجراسٌ تقرعُ الذاكرة..
أحلامٌ باتساع المدى.. كلماتٌ بحد نصل الخنجر
نحن يا وطني صحائف بيض..
فاكتب بدمنا..
إننا عشاقك
إننا درعك
إننا رمحك
إننا منك.. وعنك
كبرنا بك.. ولك
فإذا ما جُنّ ليلٌ.. أو شقشقَ فجرٌ.. أو ادلهمَ خطبٌ
ولم تلمح رفيفَ أجنحةٍ تظللك
فاعلم..
أن هذه شواهد عشاقك يا وطني!