«غرافتي الجسد»

«غرافتي الجسد»

«غرافتي الجسد»

 صوت الإمارات -

«غرافتي الجسد»

ناصر الظاهري

إن التفت يمنة أو يسرة، ستجد أمامك رجلاً، ومن خلفك امرأة، ومن دونك زوجاً، والوشم مدقوق على الذراع، والظهر، والعنق، واليد، وبعض المراهقين والمثليين على وجوههم، والكثير منه مخفي تحت الملابس، وفي أماكن العورة، حتى أصبحت موضة الوشم في الأعوام الأخيرة أكثر ظهوراً، وتقليداً، عند الفنانين، ومشاهير الكرة وعشاق التقليد، بعدما كان محصوراً على خريجي السجون، ورجال العصابات، وقد بدأ الوشم صغيراً، كشيء تجميلي، ثم تحول لعبث «غرافتي» أو الكتابة على الجدران، ترى أجساد ووجوه بعضهم، وكأنها حائط محطة قطار في قرية نائية.

وقد افتتح معرضاً في باريس عن تاريخ الوشم أو «Tattoo» الذي ظهر قديماً مع الإنسان، وأستخدمه بداية في وسم أملاكه من الدواب، وعزلها عن أملاك الغير، ووسمت أو دقّت بعض القبائل أفرادها كعلامة مميزة للبطولة والرجولة والتضحية، واتخذت النساء فيها بعض الدق الخفيف على الذقن أو على ظاهر الكف، كعلامات إجتماعية، وتمييز عن الغير طبقياً، وجمالياً، وكان سكان اليابان الأصليون الـ«آينو» يوشمون وجوههم كتقليد اجتماعي، وعرف الفراعنة، والبدو، والغجر، والأمازيغ، البربر، والماوري في نيوزيلاندا، والهاوسا في أفريقيا والكثير من الشعوب القديمة أنواعاً مختلفة من الوشم، والذي كان حينها نوعاً من المعالجة لبعض الأمراض، ودفعاً للشيطان، والتعويذات السحرية، والحماية من العين والشر، وغيرها من المعتقدات، حتى الجنسية، والتعبير عن الحب والوفاء، لكن اليوم وما يظهر على جلود ووجوه الناس المتحضرين يفوق ما كان يفعله أولئك البشر البدائيون، لقد تعقدت أمور حياة البشر في الوقت الراهن والمعاش والمادي، ورجع يبحث عن روحانيات مختلفة، واختار الوشم كطريقة قديمة معبرة عن ذلك، وعبّاد الشيطان دليل واضح لرمزية تلك الوشوم، وقد نقل البحاّرة والمستكشفون الكثير من تلك الوشوم التي شاهدوها، ووثقوها، ووصلت إلى شعوب أخرى، كما وجدت موميات وآثار ومخلفات لشعوب مختلفة، حفظت وشومها، ودلالاتها.

تعد نبتة الوسمة، وكذلك النحاس هو مصدر اللون الأزرق المخضر للوشم بعد ما يتغلغل تحت جرح الجلد، ومنها جاءت الكلمة المحلية للشيله أو الوقايه صفة «الوسمة» للسواد الذي تصبغ به، واليوم تستخدم الأحبار المختلفة عن طريق «Tattoo Gun»، ونقول في العربية: «وصمة عار على جبينه» دلالة على سوء فعلته، وهي قديمة ترجع للرومان حين كان يوشم العبد على وجهه بوشم: «أوقفني، هارب»، وقد حظر الامبراطور «قسطنطين الأول» الوشم على الوجه عام 330 ميلادي، والكلمة اللاتينية للوشم، هي «Stigma»، وتعني «وصمة العار»، ووشم الرومان جنودهم منعاً للهرب، وكذلك الإنجليز كانوا يطبعون حرف «دي» وهي علامة هارب «Deserter» من الجيش البريطاني، وكان البحارة يوشمون للاستدلال على جثثهم بعد الغرق، والوشم محرم في اليهودية والإسلام، ومباح في المسيحية، فقد كان المسيحيون حينما يحجون لبيت المقدس، ينقشون على سواعدهم صليباً وعام الحج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«غرافتي الجسد» «غرافتي الجسد»



GMT 04:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 04:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 04:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 04:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates