ناصر الظاهري
يتلاعبون بالأحلام:- في فترات الكساد أو المواسم المختلفة، تبدأ الإعلانات عن الجوائز الكثيرة، والهدايا العديدة، التي تتبارى من خلالها المحال والشركات لجذب المشترين، والضحك عليهم بخديعة السيارة اللامعة، والتي تسرق عين المشتري، وتلعب بأحلامه، وتجعله سخياً، فيشتري ما يلزمه ومالا يلزمه، فالشركات تعرف قيمة المقامرة والمغامرة في حياة الناس، وخاصة البسطاء منهم، والذين يعتمدون على الحظ لتغيير مجرى بعض حياتهم، المشكلة تكمن في أن هذه الشركات والمحال تتلاعب بهذه الجوائز بلا ضمير أو ذمة، فالمصداقية ليست مهمة هنا كثيراً، فغياب الرقابة أو جهة مسؤولة عن هذه الأشياء، يجعلهم يسرحون بالزبائن وأحلامهم البسيطة!
الدخلاء يمتنعون: - دائماً ننادي بأخلاقيات أي مهنة؛ لأنها تحفظها من الدخلاء وأنصاف المواهب، وتجعلها راقية في تعاملها مع الأشياء ومع الآخرين، فمثلما لا يجوز أن يحضر إلى هنا محاسب، وحين تضيق به السبل يشتغل مرشداً زراعياً، كذلك لا يعقل أن يتصرف المهني والرجل الحريف في تخصص ما، من دون أن يعرف أخلاقيات هذا التخصص، ومبادئ العمل فيه وثوابته، نقول هذا لأنه كثر المدعون عندنا، وضقنا أكثر بالناس غير المهنيين، والخبراء «الخبلة»!
من الحب ما قتل:- بعض الآباء من كثر محبته لابنه، يضعه في حضنه، وهو يقود سيارته، كل ذلك خارج المسؤولية، وبعيداً عن العقل، والالتزام المروري والإنساني، وإلى أن تقع كارثة لا يُحمد عقباها، حتى يتنبه الأب غير المسؤول ويحاسب نفسه، ويؤنب ضميره، ولو كان هذا الأب «الشغوف» أو الأم «المحبة» في أميركا وأوروبا، فأول قرار سيتخذ في مثل هذه الحالة، أن يدخل الأب في إصلاحية نفسية، وتلام الأم بقسوة، ويؤخذ الابن منهما، ويوضع تحت مراقبة صحية ونفسية، ولا يعود إلى أبويه حتى تثبت قدرتهما، وتحملهما المسؤولية كاملة!
قسوة الاعتذار:- هناك أشخاص مستعدون للتنازل الدائم، والمستمر، وبلا انقطاع، ولا يقبلون أي وسطاء في هذه المسائل، فالتنازل عندهم مبدأ، وهم لا يحيدون عنه، يتنازلون عن الأشياء الكبيرة، وينزلون إلى الأشياء الصغيرة دون إحساس، أو وخز من ضمير، أو محاسبة، أو حتى معرفة ثوابت الأمور، هؤلاء المتنازلون هم دائماً في صدارة الحياة اليومية، لكنهم خارج المنطق، وخارج التاريخ، وخارج معاني الفروسية، والقيم والحياة الحقيقية، المتنازلون يذكرونني بقصة تشيخوف العظيم، حين عطس مرة مواطن روسي في وجه الجنرال دون قصد، فحمّر الجنرال عينيه في وجه المواطن فقط، وظل ذلك المواطن يعتذر، ويعتذر لكل الناس، وعن أشياء متخيلة، حتى مات من الاعتذار!