طوابير الفلبينيات المدرسية

طوابير الفلبينيات المدرسية

طوابير الفلبينيات المدرسية

 صوت الإمارات -

طوابير الفلبينيات المدرسية

ناصر الظاهري

مشهد التوصيل المدرسي الصباحي، ورؤية الآباء والأمهات العاملين خاصة، والراكضين وراء ساعات الدوام، وكيف يخرجون عن طورهم، في السواقة والتعامل مع الآخرين، والضجر المبكر الذي يصيبهم، وأعصابهم المرهقة دون قهوة أو إفطار مستحب، وتصرفاتهم الرعناء، وهم يمثلون القدوة السيئة لأبنائهم في صراخهم، وسبهم للآخر، وتعنيف أطفالهم الذين عادة ما يخرجون من البيوت، وهم بحاجة للنوم أطول، لا يعادله مشهد، إلا رؤية طوابير الفلبينيات الهادئات والمرتخيات، والحنونات بمقدار، وهن يوصلن أولاد وبنات «الأرباب»، وكأنهن أمهات بديلات، وقادرات على الاستمرار حتى بعد انقضاء عقد السنتين، وليت بعض الآباء والأمهات، خاصة العرب والهنود أن يتعلموا منهن ذلك الهدوء الصباحي، ورتابة جنوب شرق آسيا، وأن الحياة ليست منافسة بدفع الأكواع، وتلك النظرات التي تزّور الآخر بكراهية غير معلنة، ولا مسببة، غير نقص فنجان القهوة، والتأهب للانقضاض على منقوشة الزعتر، وربما المبيت المتقلب طوال الليل، وربما أن الزوجة قلبت مزاج الزوج بكلمة أو طلب قبل الخروج، أو الزوج تقاعس عن واجباته المنزلية، تاركاً كل الأشياء على رأس الزوجة، هذا الارتباك دون داع، أعتقد أن فوج طوابير الفلبينيات المدرسي، يبقى يتعجب له، وتدهشه تلك الروح العدائية لهؤلاء المنزعجين صباحياً، ويظلون مصدراً لتعليقاتهن وضحكاتهن الناقصة التي يكتمنها بأطراف أياديهن.

مشهد طابور الفلبينيات بأزيائهن المميزة الذي يصر بعض البيوت أن يميز به العاملات والشغالات، كنوع من التمايز الاجتماعي، والذي يقبض النفس، ويؤثر فيهن حين يرين أخريات من بنات جنسهن بملابسهن الاعتيادية، أصبح من المشاهد المألوفة عند المدارس، كأمهات طارئات، لأبناء وبنات ننشد فيهم الرجاء والنجابة، وأصبح بالنسبة لي من المتع التي أحرص عليها، حين الدخول للمدرسة سريعاً، وطويلاً وتأملياً حين انصراف الطلبة، لاستماع لثرثراتهن وضحكاتهن، وكأنهن سرب حمام، ومتابعتهن وهن يتصرفن مثل وليات الأمور، وهن يتراسلن عبر هواتفهن الذكية، وهن يتصورن «سليفي» مع بعضهن، وتتعجب من ذلك الود الذي تظهره الغربة، وكيف يكوّن المكان صداقة طارئة، وغير طويلة.

التردد شبه اليومي على المدرسة، أصبح من المتع الذي تخصص لها وقتاً من فراغك، حتى إذا ما جاءت العطلة المدرسية الصيفية، حزنت على ألفة بعض الوجوه التي لن تراها لشهرين، وربما للأبد، وقد كانت بعضهن يسلمن عليك بإيماءة خجلى، ربما يمنعها مشهد ذلك العقال الأسود الذي يستقر على الرأس، في حين تكون أكثر لطفاً وقرباً حين تأتي بملابس رياضية أو «كاجول»، وبعضهن يمسحن على رأس صبيتك، وبعضهن الآخر تحاول أن تخلق وداً بين أطفالك، وأطفالها بـ»التبني» الوظيفي، لهؤلاء الفلبينيات المواظبات على الحضور اليومي للمدارس، كل الشكر، وكل الود، وكل المحبة، لأنهن يقمن بدور مهم وكبير وبديل في راحة نفوس الأبناء، وجعلهم يشعرون بالألفة تجاه الآخرين والأشياء في ظل غياب الوالدين!
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طوابير الفلبينيات المدرسية طوابير الفلبينيات المدرسية



GMT 04:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 04:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 04:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 04:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates