ناصر الظاهري
يمكن اليوم لأي شخص مثابر، مواظب، ويهوى السباحة في وسائل التواصل الاجتماعي أن يشكل قراءه، ويصنع متابعيه، ويصبح نجما صحفيا «من منازلهم»، أو كاتبا يوميا «من هواتفهم»، له تأثير على شريحة واسعة من معجبيه، وبإمكانهم أن يوسعوا رقعة انتشاره بتغريدة أو بإعادة توزيع «سناب شات»، والذي ينتشر بسرعة الأثير، ويفوق مشاهدوه مئات الآلاف، بلا شروط واضحة، ولا مهنية مطلوبة، ولا يلزم بأن يدخل كليات الإعلام، ليصبح خريجا مؤهلا، فكل رأسماله هاتف متحرك، وصبر على تصوير كل صغيرة وكبيرة، وغالباً لا يفرق بينهما كثيرا، بحيث يتساوى تصوير فنجان القهوة الصباحي مع تصوير حريق في فندق كبير أو طلب فئة دم ضرورية لإنقاذ شخص مرقَّد في المستشفى.
السؤال الذي يطرح دائما على كتّاب الأعمدة، لمَ لا تركبون موجة التواصل الاجتماعي، وتصلون إلى شريحة أكبر من القرّاء، وبالتالي يزيد متابعوكم؟ فكاتب العمود وبعد مجالدة خمسة عشر عاماً من الكتابة اليومية، سيجد متابعة إلكترونية تصل 135 ألفا، وقراء الصحيفة الورقية خمسون ألفا، في حين أي صحفي «سناب شات» يصل متابعوه لثلاثمئة ألف ويزيد، أي الضعف إن لم يكن أكثر، فالمتابعون على وسائط التواصل الاجتماعي في تزايد مستمر، وقراء الصحف الورقية في تناقص مستمر، صحيح أن غاية الكاتب الصحفي اليومي وهدفه مختلف، ويتطلع للوصول إلى كل شرائح المجتمع، ويوثق كثيرا من الأمور، ويساهم في خلق رأي عام، ويخلق تأثيرا، ويصنع فرقا، وهو في الأول والآخر كاتب رأي، لكن الوسيلة القديمة، قد لا تساعده، والوسيلة الجديدة قد يضيق بها، والمجتمع نفسه لم يعترف بها كوريث حقيقي عن الإعلام التقليدي، في حين «الصحفيون الإلكترونيون» الممتطون ظهور وسائط التواصل الاجتماعي، بعضهم لا يحمل فكراً، وبعضهم لا تعول عليه في العراك الثقافي والحراك الاجتماعي، وبعضهم لا يتحمل وزر قول الرأي، والدفاع عنه، والمتابعون لهم من الفئة المختارة، الضيقة، ولا تحمل ذلك التنوع، وكبير الاختلاف والاهتمامات، ومع ذلك هم اليوم نجوم في أماكنهم، ولهم تقدير مختلف، والاستفادة منهم في المقام الأول في الإشهار والإعلان وتوصيل الخبر أو شيء من الحدث، بغض النظر عن أي مصداقية أو حرفية.
ولكي لا نظلم بعض التجارب الصحفية الناجحة عبر التواصل الاجتماعي، نقول: إن الغث أكثر، ولكي لا نهضم حق الصحف التقليدية في التطور، وركوب الموجة الجديدة، نقول: إن الفشل أكثر، فهل نذهب مع مراهنة الوسائط الاجتماعية بزوال التقليدي، أم نبقى نحارب وسائل جديدة في الإعلام، دون اغتنامها، والاستفادة من تقنيتها ومهارتها في الوصول للناس؟