ناصر الظاهري
كم تفرح إذا ما أردت الدخول لـ «كارفور» ووجدت درهماً معدنياً في جيبك - رغم أنه يضجرك دائماً وجوده - من أجل عربة التسوق، وكم تضجر إذا فككت ورقة نقدية من أجل درهم ستنساه في العربة!
- كم تفرح إن وصلت لسيارتك في الوقت المناسب، وأنت «تناهي» من الحر والرطوبة، وكم تضجر إذا ما سبقك رجل «مواقف» بدقائق، ووضع تلك الورقة الهزيلة تحت مشاشة زجاج سيارتك، وولى لسيارة جارك في الموقف!
- كم تضجرك رائحة الغبار حين تلاحق أنفك إلى كل مكان، وتشعر بها رئتاك، وشيء حرش في راحة يدك تكاد تميزه، ولا تعرفه!
- كم يضجرك أن يأتي أحد قبل موعده بثلث ساعة، ويشعرك مباشرة بتأنيب الضمير، وأن الحق عليك، وأنك مقصر في حقه، ويبدأ يشكل ضغطاً عليك، رغم أنه يأكل من وقتك.
- كم تضجر من الناس «الماذاه»، ما يفكون عنك حتى يخلّصوا شغلهم، ولا تقدر أن تتهرب منهم، حتى يضطروك لأن تستعجل الأمر وتنجزه، لأنك تريد الفكاك منهم!
- كم يضجرك الصوت العالي الحاد من رجل هزيل، كثير العظام، بحيث يمكنك أن ترى بروز عقدة القفص الصدري، وتحتها مباشرة يتكون شعر قليل مثل عش عصفور مستعجل لم يتريث لاستكمال بنائه، أمثال هذا الشخص عادة ما يلبسون فانيلات بدون أكمام، ويدخنون ويكحون في وجوه الآخرين غير مبالين!
- كم يضجرك أن يكون المجلس صاخباً، وفجأة يطبق الصمت على الجميع، ويهدأ كل شيء، فلا تسمع إلا قرقرة بطن في ذلك الهدوء المخيم على الجميع، وكأنه غناء حمام الراعبي لا يريد أن يتوقف!
- كم يفرحك أن تسمع أن هناك شخصا يعيش بيننا، لا يعني له الصفر شيئاً في هذه الحياة، سواء كان قبل الرقم واحد أو بعده!
- كم تضجرك كلمات بعض الرجال المداهنة، ومفردات التقدمة والبساط الأملس وهم يتحدثون للمرأة، زاجين بـ «حياتي، روح قلبي، عمري، نظر عيوني» في حين يتردد فيك البدوي، فلا تقدر أن تقول إلا جملة مفيدة خالية من التدليس، فَتُكَذّب في عين المرأة، وتُصَدِقّ غيرك!
- كم يضجرك حينما تستيقظ الصبح على ضجيج عمال، واحد يدق مسامير في الجدار، وواحد يقلع السيراميك، وواحد ما عنده شغل بس «يلاطم بالبيبان»، يضيع تأمل الصبح وهدوء سكينة ما بعد النوم، لا.. وتجد قهوتك فاترة بعد.. للجميع يسعد صباحكم الصيفي هذا الذي لا تحتمل حرارته!