سكون التأمل

سكون التأمل

سكون التأمل

 صوت الإمارات -

سكون التأمل

ناصر الظاهري

هناك لحظات بعد الصحو من النوم، والاستيقاظ شبه الكسول، عادة ما يحب أغلب الناس أن تمر بصمت، ويا ليت العالم جميعه يهدأ ساعتها، هي أشبه بفترة التأمل، ومراجعة الأحلام، والبعض قد يعدها عودة من جوف الظلام البارد، وانعدام الزمان والمكان، الغاية أن تلك اللحظة يحب على الإنسان أن يجعلها لنفسه فقط، ولا يرغب أن يشاركه أحد فيها، وهي تترادف ولحظة ارتشاف أول قطرة من القهوة الساخنة، حيث تجمد العين، وتسافر الروح، وحده الجسد يبقى جالساً دون حضور،اللحظات تلك من أجمل لحظات الصباح، وهي التي قد تحدد مسار اليوم، فإن مرت بهدوء وكما تهوى، سارت ساعات النهار بانسيابية، وكلك أمل، ولا تعدم فعل الخير، والبشاشة في وجه الآخر، وقد تغلب عليك روح الفكاهة، لكن لو أن الشغالة فجأة فجرت في وجهك المكنسة الكهربائية، وظلت تعوي في البيت، دونما أن تلتقط شيئاً، كظاهرة صوتية بغيضة، أو ظلت الشغالة «تومي تقلي الأندومي» وعبقت رائحة البيت بذاك الشواء، وتلك الأبخرة من بهارات الشرق البعيد، حينها تود لو قدرت أن تجدع أنفك، لأن الحساسية بدأت تتغلغل إلى ثنايا الدماغ، أو أن سهيلة تخلت عن رومانسيتها، وشغلّت السيشوار، وبات يحنّ عليك حتى سخنت أذناك، ووقف شعر رأسك، وهي خبر خير أمام المرآة، ومستمتعة بترديد أغنية قديمة لنانسي عجرم، لا تمل منها، أو وأنت جالس ساه تنظر لرائحة القهوة كيف تتحول إلى مارد من بخار وضباب، وتتراقص أمام عينيك، وتتخيل أماكن لشرفات على بحور العالم أو حدائق توهبك رائحة العشب والخضار، تغافلك الحور الصبية، وتغمس يدها في ذلك «الماغ» المشتهى بسخونته، وتفحمّ بالصوت العالي، والبكاء المُر، رافعة أصابعها المحمرة، والدموع تُخَرّس خدودها الممتلئة، والتي لا تعرف كيف حدث هذا، وكأنها تريد أن تقول بتأتأتها أنت وتلومك، فتفز، قافزة معك لحظة التأمل، ومطيّره حمامة القلب نحو ضجيج اليوم المبكر، أو وأنت مندمج في السباحة الماورائية في الملكوت، مبرّقاً بعينين شبه مغمضتين، تنشد السلوى، وتنشد السكون الأبدي، تطارح أفكارك الشكوى والنجوى، فيقوم توأم الحور منصور، ويدخل أصبعه بين النظارة وعينك، فيدميها كما أبكيت عين أخته، ولأن أصبع الصغير يشبه القلم المبري، وعادة يكون مالحاً، فستشعر حينها، وكأن أحداً ذرّ ملحاً فيها، فتغيب عن الوجود، وتتهامل العين، وتصبح جمراً، وهو يضحك، وأنت لا ترى منه إلا غبشاً من ظلال، ضائعة منك لحظات التأمل والسكون الباردة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سكون التأمل سكون التأمل



GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 14:51 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الأشقاء السوريون!

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الجهاز الإدارى للدولة

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 14:49 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates