زهو صباح فيينا

زهو صباح فيينا

زهو صباح فيينا

 صوت الإمارات -

زهو صباح فيينا

ناصر الظاهري

بعض المدن لها صباحات باكرة وضاحكة، إما تكون قد اغتسلت فجراً بالمطر، أو باغتها مع شقوق الضوء الخجول، مخطئ من يظن أن لا رائحة لصباح فيينا المختلط بدفء القهوة، ورجفة البدن التي تتسلل من تحت الأردية الثقال، وتلك الغمامة كسحابة باردة تطوف سماء المدينة، تصبّح على البيوت والوجوه، أحداث التاريخ المختلط بالحب والحرب والفن وسيرة العظماء والذي تحظى به بعض المدن دون غيرها، والذي يفرض هيبته ووقار حضوره على زوار المدينة الغرباء.

صباح فيينا الذي يشبه صفحة خد صبية في كامل صحتها وأنوثتها ونضج اكتمالها، صباح غير متثائب، لا يشعرك أن أحداً أمسى يتقلب في فراشه ليلاً، أو أن هناك نفراً كثيرون مدينون لبنوك عدة، أو أن هناك نصّابين باتوا على وجع سرقة حلال الآخرين، صباح من الصحو واليقظة المباركة، وفرح باتجاه إيقاع اليوم، وزهو الحياة والعمل، صباح فيه بِشر، وربما جاء معه خير كثير.

صباح فيينا، قادر أن تقبض على كل تفاصيله الصغيرة، موظفة الاستقبال في الفندق اللامع، وبياض ياقة قميصها الأبيض المثوثب بما أعطاها الوهاب، وما أسعد أمها أياماً طوالاً، نظافة الأذن بطريقة غير اعتيادية، وتلك الحمرة الدائمة في شحمة الأذن، البواب السمين كعجل لا يكف عن النمو، وإتقانه لغات عدة أكثر من المدير نفسه، وحب النزلاء له أكثر من مالك الفندق ذاته، طالبة جامعية تلاعب دراجتها كتلميذة مجتهدة، داعبتها مرة أحلام الدراسة التخصصية في لندن أو أميركا، عمال متفانون، بائع الزهور الذي يكره التقاعد، الندى على بتلات الزهور، يشعرك أنه والمدينة في طقوس حب تاريخي سيدوم طويلاً، بائعة الخبز المستعجلة والتي يجدر بها أن تكون ممرضة في يوم ما، بتلك النظارة الطبية الدائرية ذات الإطار الأسود الخفيف، نقاء مسامات الوجه، والمعطف الأبيض يضفي عليها شيئاً من رونق المستشفيات ذات الرائحة المطهرة، والإخلاص الملائكي لعاملات الرحمة.

ما الذي يجعل مثلك أن يدلف إلى المخبز الذي يحتل خاصرة الشارع، أهو الفضول الصباحي! أم البحث عن الضحكة المخلصة لمنظر العجين! تلك التي حملتها معك منذ كنت طفلاً يتدثر بخاصرة أمه، ويراقب خبزها وحركة يدها، ليس أجمل من خبزة ساخنة في أي بقعة، لقد ركضت خلف تلك العجينة المخمرة، والخبزة الساخنة بلاد الله ومدنه، ثمة فرحة مبعثها السخونة والطزاجة والرائحة التي تصل أنفك قبل نشوة قضم تلك الكسرة، حتى أنك تفضلها شخصياً على بوليصة تأمين لشركة إنجليزية موقعها جزر بريطانيا العذراء.

صباح فيينا الذي كان حاضراً في الذاكرة دوماً، منذ أن غامرت باتجاه معرفة بنت العم التاريخي، تلك التي كانت تدرس التاريخ، وأحبت مرة أن ترشدك إلى صباح جميل ومختلف في مدينة، عادة لا يمكث فيها الغرباء كثيراً.                      

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زهو صباح فيينا زهو صباح فيينا



GMT 21:33 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 21:32 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 21:32 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 21:31 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 21:30 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 21:29 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

GMT 21:28 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إرهاب من نوع جديد

GMT 03:31 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 صوت الإمارات - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 03:47 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 صوت الإمارات - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates