ناصر الظاهري
رمضانكم سخي.. رمضانكم مغفرة، هو فرحة السنة التي ينتظرها الناس، ويتقاسمونها بمحبة مختلفة، تاركين خلفهم كل تعب العام ومشاجرات العام ومضايقات أيامه، ذاهبين نحو نور آتٍ يحمل قبساً من رحمة السماء وبركاتها، مستقبلين رمضانهم بكل الحب الصوفي والصفا الوجداني، مرحبين بضيف يأتي مثل سحابة من نور أو ظل من حرور، يأتي ليعطي ليومنا طابعاً خاصاً به، وطقساً لا يعبر إلا عن نفسه، نسّير كل ساعاتنا وتوقيتاتنا على أول هلاله، وآخر قمره، على أول خيط أبيض يتبين لنا من آخر خيط أسود من فجره، ليالينا من مسكه وعطره، وبركات سحره، كان أول ما أتى في رمضاء رملنا، فألصق العرب به التسمية، وتسموا به، واشتقوا من صيامه، وقيامه أسماء للأولاد والأحفاد، فيه يتسامون ويتحابون ويتسامحون، وحين جاء الإسلام أعطاه منزلة مباركة، أنزل فيه الفرقان، وأجزل فيه العطاء، وأثقل الميزان، علا من دعاء لياليه، وأفرده بالليلة المباركة التي هي خير من ألف شهر، حث الناس فيه على التواصل والتراحم، حتى أن بعضهم يكون أكثر كرماً من الريح المرسلة، تشبهاً برسول المحبة، عليه ألف الصلاة، وأتم السلام.
ولأنه شهر غير عادي، فقد ارتأيت أن يكون عمود كل يوم من أيامه، وكعادة كل رمضان، مختلفاً ومغايراً عن الأيام الأخرى، وعلى سُنة كل سنة، سأقدم لكم من محفوظات الصدور، ومن حكايات الشفاهية، من قراءات سابقة، ومن خزينة مكتبتي، ما أرى أنه يحمل فكرة، وفائدة، ودليلاً على شيء عميق في الحياة، سيكون العمود أقرب إلى فن المقالة، لا يحمل فكرة واحدة، بل فيها التنوع، وإشارات لأشياء قد تستدلون عليها بأنفسكم، وتبحثون عنها بمفردكم، سيكون بمثابة رحلة قلمية، هناك قول مأثور أو حكمة شعوب أو تجارب أمم، قد يكون هناك كتاب أثير على النفس أو أن هناك شخصية لعبت دوراً جليلاً في تاريخ الإنسانية وحضارتها، وتركت بصماتها التي لا تنسى، هناك أصل الأشياء، كيف جاءت كفكرة صغيرة، ثم كبرت مع الإنسان، قد تكون هناك فكرة كبيرة لأحداث يومية، لكنها مختصرة بكلمة ونصف، ستكون هناك اللغة، والمفردة العامية المنسية، والتي غيبتها الحياة الجديدة!
آمل أن تكون أعمدة رمضان التي ستحمل عنواناً واحداً، حديقة توعد كل يوم بالشيء الجديد، والمغاير، والمفيد، هو اجتهاد آمل أن يحوز على رضاكم، ويسلي صيامكم، ويزيد من خزانة معلوماتكم، فإن أصبت فلا تشكروني، وإن أخطأت فسامحوني، ورمضانكم بالخير يعود عليكم.