راج سر وتعال

راج.. سر وتعال

راج.. سر وتعال

 صوت الإمارات -

راج سر وتعال

ناصر الظاهري

«راج».. وحده يعلم كم سنة مضت عليه هنا، أما الآخرون فيقولون إن «راج» يعيش هنا منذ سنين، ويخطئون في العد، وبعضهم يتذكر شبحاً يشبهه، عمل حمالاً في «الفرضة»، بداية العمران، حينما وصل هنا، وهو في ريعان العمر، كان صدره مفتوحاً لأي عمل يقترح عليه، ولم تشكل الأحلام عنده أكثر من أن يعتاش، وتعيش عائلته في تلك القرية الهندية التي يزورها كل سنتين وأحياناً ثلاث سنوات حينما يجبره الأرباب أن يرافقهم في رحلة الصيف، بدأ حياته العملية مرسالاً بين «حفيز» الأرباب، وبيته، ثم عرف دكاكين أخرى تتعامل مع بضائع يجلبها الأرباب من الهند، فكان يعتل لها صناديق، ويجلب منها أوراقاً كمستند في ذمة التحصيل، لا ينتهي يوم «راج» بإقفال الدكان؛ لأنه سيرافق الأرباب إلى المنزل، حيث كانت له غرفة معزولة في أطراف «الحوي».

وحينما انتقلت عائلة الأرباب لمنزلها الجديد والكبير، وبعدما حصل «راج» على رخصة السواقة، أصبحت له غرفة أوسع بجانب بوابة البيت الكبيرة، وزادت مهنه، مهنة توصيل الأولاد للمدارس، وشراء حاجيات البيت، وملازمة الأرباب في شركته الجديدة، تقدم العمر بـ«راج»، والسنوات كانت تتلاحق، تحسنت فيها لغته العربية، وسواقته أصبحت تتسم بالطمأنينة، وكون أسرة ظلت تكبر بعيداً عن عينيه، لكنها لم تعد تشكو العوز.
ومع تطور البلد، وتغير أحوال الناس، وما أصابهم من غنى، أصبح يوم «راج» طويلاً، فهو يتابع حتى الأسهم، ويشرف على سهرات الأرباب الليلية في الشقة العلوية من عمارته، وقد يطبخ «برياني» آخر الليل إذا ما عنّت له نفوس ضيوف الأرباب، أو اشتهى الأرباب أكلة هندية خفيفة كان يحبها من أيام الفقر، أو أمره بكيّ ثيابه وإصلاح غترته، كان يهتم بشؤون السيارات، ويستقبل ويودع في المطارات، أصبح «راج» سر، وتعال، وهو لا يشكو، ولا يشعر الأرباب وأصدقاؤه بتعبه، وتذمره، أو التعبير عن أي احتياجات تطرأ عليه، حتى حينما قررت عائلة الأرباب الذهاب إلى الهند، كان هو كل شيء، سائقاً، ومرشداً، ومترجماً، ومدبراً لكل احتياجاتهم من طعام وتسلية وتسوق، ظلت زوجة الأرباب، وبناته يذكرون «راج» طويلاً، وأنه ما قصّر معهم، «راج» غير راتبه المتواضع، وغير ثياب عتيقة من زوجة الأرباب لأسرته، كان يرضى بما كتب له، ويميز الشحيح، وفي يوم احتاج لأن يصلح بيته الذي جرفه الفيضان، فحاولت الحاجة أن تنطق لسانه، لكنه لم يسمع: «إلا بتخبرك أنت ما تشبع»! بعدها سار «راج»، ولم يرجع!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

راج سر وتعال راج سر وتعال



GMT 22:31 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 22:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 22:27 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 22:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates