دروس في الدم

دروس في الدم

دروس في الدم

 صوت الإمارات -

دروس في الدم

ناصر الظاهري

هالني صورة تجمع صغاراً في رياض الأطفال في سنواتهم التعليمية البكر، في إحدى رياض الدولة، وهم مرتدين ثياب الإحرام، ومتجمعين حول خروف قطني، وطفل يحز رقبته بالسكين «المستعارة»، في التعريف بالنحر والأضحية والهدي، لكن ألا تعتقدون أن هؤلاء الذين في صفهم التمهيدي الأول لا يميزون، ولا يدركون، وقد تختلط عليهم الأمور، فلماذا نزرع في وعيهم الأول، استباحة الدم، ومعنى القتل، والتعريف بالسكين أداة القتل الأولى؟ ما هي الدروس المستفادة إن عرف طالب أو طالبة في صف الروضة معنى الأضحية، والفداء، هؤلاء الطلاب الصغار ما زال يعني لهم الخروف «أمر أمومي»، فهو قريب لقلوبهم، ويحنون عليه، فلم نجعل الفزع يدق أبواب صدورهم الصغيرة؟ ونفتح أعينهم على الدم المراق، طيب.. لو أن هذا الطالب وحينما رجع من مدرسته، استل سكيناً من المطبخ، وذهب لأخيه النائم، وحز رقبته، فداء وأضحية كما تعلم في الروضة! كيف يعرف في عمره الغض معنى السكين، وكم هو الدم مقدس، وجهله كيف يواري سوءة أخيه.

أحضرت مرة لابنتي، وهي في السادسة قصص الأنبياء مبسطة، تدعيماً، وتنويعاً في ذائقتها القصصية، وتربية الخيال عندها، فكانت القصة الأولى عن آدم وأولاده، وقد صعب عليّ الأمر، لكنني تجاوزته بطريقة فيها خيانة للنص والسرد القصصي، وتشتت ذهنها حين قتل قابيل هابيل، بطريقة التمويه، والتلاعب اللغوي، لكن الحرج حينما وصلت لقصة النبي إبراهيم، وابنه إسماعيل، وشروعه في التضحية بابنه، وفديه بذبح عظيم، ورغم أن القصة من أمتع القصص، لكنها تحولت في رأس الصبية إلى لوم الأب على قتل ابنه، لماذا؟ هل يكرهه؟ هل لأنه لا يسمع كلام أبيه؟ أين أمه إذاً؟ وهل ستذبحني؟ وغيرها من تلك الأسئلة البريئة، والتي بلا سقف، فلم أفلح في الخروج، وجعلتني أفكر أن علينا، وحين نتعامل مع جيل جديد، ومترف بالمعرفة، ويسر المعلومات أن نطرح على أنفسنا أسئلة كثيرة قبل الشروع، وإلا سنغرق، مثلما غرقت في قصة النبي إبراهيم، وابنه إسماعيل والأضحية.
كانت فيما مضى في مدارسنا حصص عن الجهاد، وقتال المشركين، وتعلم صلاة الحرب والخوف، ذهب معلمها، وبقيت في رؤوس بعض طلبتنا، وغادروا من أجلها إلى أماكن سموها «دار الحرب»، وكانت هناك حصص للبنات الصغيرات، عن الوعيد، وجلاوزة جهنم، وأنهم يقرعون الناس بسلاسل من حديد، وعذاب القبر، وحيات وأفاعي، ودود ينغل الجسد، الآن.. ماذا تبقى في رؤوس تلك الصبايا غير الخوف والسواد، والشخصية المُرَوَّعة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس في الدم دروس في الدم



GMT 04:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 04:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 04:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 04:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates