بقلم : ناصر الظاهري
بعدما قررت معظم دول العالم، إن لم يكن كلها تقريباً، باستثناء الدول «المارقة» عن حقوق الملكية الفكرية، والحقوق المجاورة، أن تدخل في نظام جديد يحفظ الحقوق، ويضمن العوائد، ويمنع اللصوصية، وسرقة جهود الآخرين الفكرية، والإبداعية، ظهرت في العالم حقوق ملكية أثرية أو معالم تعد شخصيات للبلدان والمدن، وواجهة تعرف بها، ومرات أكثر شهرة من الدول والمدن نفسها، لكن لا حل مع الصينيين الذين يطبعون كل شيء، ويستنسخون المستنسخ بدرجات نخبوية، كصنف أول، وثانٍ، شيء متقن الصنع أو التقليد، وشيء يشابه، لكن بمواد أقل جودة، لذا ترى الصينيين في كل معارض العالم يرسلون «جواسيسهم» ليصوروا كل شيء، الأحذية، والساعات، والشنط، والسيارات، الأدوات الكهربائية، والإلكترونيات، وينزّلونها في الأسواق السوداء قبل البضاعة الأصلية، ويكبدون المنتج الأصلي، وصاحب العلامة التجارية خسائر فادحة، مما يضطر أصحاب دور الأزياء العالمية الكبرى، أن يرسلوا «جواسيسهم» أيضاً، وشراء، وتجميع كل البضائع المقلدة والمستنسخة، وطحنها أو حرقها أمام ساحة محلها الرئيس، مثلما يفعل «كارتييه» كل عام، حيث يشهد المحرقة نفر كبير، وصحافة وإعلام، وهم يتحسرون على تلك البضاعة المقلدة، وهي تداس بالمجرفة أو المدحلة، لكن الصينيين لا يكلون، ولا يتعبون.
وآخر البدع الصينية، أنهم حولوا النكتة المصرية إلى حقيقة، حينما كان الزائر لمصر لأول مرة، يمكن أن يضحك عليه، وتباع له الأهرامات أو يمكن أن «يتدبس» بـ«أبي الهول»، الصينيون صنعوا نسختين أو قلدوا طبعتين أو استنسخوا «أبو الهول» صيني، واحد في متنزه شرقي الصين، وآخر في متنزه شمال الصين، فيهما نسخ من أهم المعالم الأثرية العالمية.
تمثال «أبو الهول» الصيني أصبح معلماً سياحياً، يزار من قبل ملايين الزوّار، بأبعاد التمثال الأصلية والتي تصل 60 متراً طولاً، و20 متراً ارتفاعاً، ولم يكلف تقليده سوى 1.3 مليون دولار، وتم تصنيعه من الخرسانة، ودرّ على «المزورين» ملايين الدولارات، خلال السنتين المنصرمتين، واللتين كانتا محل نزاع، وأخذ وردّ مع الصين، وتدخلات دولية، وخاصة «اليونسكو»، بطلب من مصر لكي تعدل الصين عن «فعلتها» غير السياحية، ولا تنتمي للأمانة أو الحقوق الملكية، وتلحق بمصر خسائر في السياحة، غير ضرب الإرهاب للسياحة المصرية، ولا أدري إن حذت فرنسا حذوها، حيث هناك نسخة مقلدة لمتحف اللوفر في باريس. الشركة المقلدة، استجابت للنداءات الدولية، وقررت تحطيم «أبو الهول» الصيني، لكن بعد الانتهاء من العقود السياحية والفنية الكثيرة التي وقعتها، وتحترمها بسبب «أبو الهول» الأسمنتي!